العلماء يصممون خريطة لنصف الكون المعروف باستخدام تلسكوب إي روزيتا

3 دقيقة
بيانات تلسكوب إي روزيتا تساعد العلماء على إنشاء خريطة لنصف الكون المعروف
نسختين مختلفتين من خريطة تلسكوب إي روزيتا. انبعاثات الأشعة السينية الممتدة (على اليسار) ومصادر الأشعة السينية النقطية (على اليمين). معهد ماكس بلانك، جيه ساندرز لصالح اتحاد مؤسسات إي روزيتا.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

نشر فريق من علماء الفلك وعلماء الكونيات بتاريخ 1 فبراير/شباط 2024 أولى البيانات من مسح إي روزيتا للسماء (eROSITA). تتضمن البيانات خريطة كونية لنصف الكون التُقطت في الإشعاع السيني. استخدم علماء من مؤسسات في ألمانيا وروسيا تلسكوب إي روزيتا الفضائي الموجود في نقطة لاغرانج 2 بالقرب من تلسكوب جيمس ويب الفضائي لجمع هذه البيانات.

ولّد تلسكوب التصوير بالأشعة السينية اللينة هذا منظراً مفصّلاً للسماء فوق النصف الغربي من الكرة الأرضية. تتضمن الخريطة نحو مليون مصدر كوني للطاقة، منها أكثر من 700 ألف من الثقوب السوداء الفائقة الضخامة التي تلتهم مراكز المجرات.

فهرس مسح إي روزيتا لكل السماء

يُعد هذا المسح الجديد الذي يحمل اسم فهرس مسح إي روزيتا لكل السماء (eROSITA All-Sky Survey Catalog)، أو إي آر أيه إس إس 1 (eRASS1)، أكبر فهرس لأقوى مصادر الطاقة في الكون. جُمعت البيانات بين 12 ديسمبر/كانون الأول 2019 و11 يونيو/حزيران 2020. وفقاً لفريق من معهد ماكس بلانك للفيزياء الخارج الأرضية في ألمانيا، تمكّن تلسكوب إي روزيتا من تحسس 170 مليوناً من جسيمات ضوء الأشعة السينية التي تحمل اسم الفوتونات.

يستطيع علماء الفلك إنشاء خريطة مفصلة للكون من خلال قياس طاقة هذه الفوتونات ووقت وصولها إلى حساسات التلسكوب. وتمكّن الفريق من فعل ذلك من خلال معالجة الفوتونات التي تحسسها التلسكوب أمام خلفية ساطعة وخلفية الانتشار ومعايرتها.

اقرأ أيضاً: شاهد صورة جديدة من تلسكوب جيمس ويب الفضائي لسديم مذهل

بالإضافة إلى مصادر الأشعة السينية والثقوب السوداء الفائقة الضخامة التي يتجاوز عددها 900 ألف، تحتوي الخريطة على نحو 180 ألف نجم من النجوم التي تصدر الأشعة السينية في مجرة درب التبانة و12 ألف عنقود مجري. تتضمن الخريطة أيضاً بعض الأجسام الأقل شيوعاً مثل النجوم النابضة والنجوم الثنائية وبقايا المستعرات العظمى. شمل المسح أيضاً بعض الخيوط الشبكية الكونية. تعد تجمعات الغاز الساخن هذه أكبر البنى المعروفة في الكون، وهي تربط المجرات في عناقيد.

صورة بالأشعة السينية لنصف السماء الذي أُسقط على دائرة، وهو إسقاط يحمل اسم إسقاط زينت المتساوي المساحة (Zenit Equal Area projection)، ويظهر مركز مجرة درب التبانة على اليسار والمستوي المجري أفقياً. تظهر الفوتونات مرمّزة بالألوان وفقاً لطاقتها (الأحمر للطاقات التي تتراوح بين 0.3 و0.6 كيلو إلكترون فولط والأخضر لتلك التي تتراوح بين 0.6 و1 كيلو إلكترون فولط والأزرق للتي تتراوح بين 1 و2.3 كيلو إلكترون فولط). المصدر: معهد ماكس بلانك، جيه ساندرز لصالح اتحاد مؤسسات إي روزيتا.
صورة بالأشعة السينية لنصف السماء الذي أُسقط على دائرة، وهو إسقاط يحمل اسم إسقاط زينت المتساوي المساحة (Zenit Equal Area projection)، ويظهر مركز مجرة درب التبانة على اليسار والمستوي المجري أفقياً. تظهر الفوتونات مرمّزة بالألوان وفقاً لطاقتها (الأحمر للطاقات التي تتراوح بين 0.3 و0.6 كيلو إلكترون فولط والأخضر لتلك التي تتراوح بين 0.6 و1 كيلو إلكترون فولط والأزرق للتي تتراوح بين 1 و2.3 كيلو إلكترون فولط). المصدر: معهد ماكس بلانك، جيه ساندرز لصالح اتحاد مؤسسات إي روزيتا.

إنجاز في مجال علم فلك الأشعة السينية

قال الباحث الرئيسي في مسح إي روزيتا والمؤلف المشارك للورقة البحثية حول بيانات المسح المنشورة أولاً، أندريا ميرلوني، في بيان صحفي: “هذه أرقام مذهلة في مجال علم فلك الأشعة السينية. رصدنا عدداً من المصادر خلال 6 أشهر أكبر من تلك المرصودة في المهمتين الرئيسيتين الكبيرتين، إكس إم إم-نيوتن (XMM-Newton) وتشاندرا (Chandra)، خلال ما يقرب من 25 عاماً من العمل”.

اقرأ أيضاً: كيف يساعدنا تلسكوب جيمس ويب على فهم سر توسع الكون؟

يترافق إصدار البيانات الجديدة مع نشر نحو 50 ورقة علمية أضيفت إلى الدراسات المنشورة حول بيانات تلسكوب إي روزيتا البالغ عددها 200 دراسة. يتمثّل الهدف الرئيسي لمهمة التلسكوب في استخدام العناقيد المجرية لرصد الآلية التي تسرّع وفقها الطاقة المظلمة توسّع الكون.

يمكن أن تساعد دراسة الكميات الكبيرة من البيانات الثمينة التي جمعت في مسح إي آر أيه إس إس 1 على التوصل إلى إجابات بعض من أهم الأسئلة في علم الكونيات، تحديداً كيف تطور الكون ولماذا يتوسع الفضاء بمعدل متزايد. حُددت أيضاً في البيانات الجديدة المواقع في السماء التي أتت منها الفوتونات الفردية وزمن وصولها إلى حساسات التلسكوب ومقدار الطاقة التي تتمتع بها. وساعد ذلك على زيادة دقّة الخريطة.

صمم الخبراء في اتحاد إي روزيتا البرمجيات اللازمة لتحليل بيانات التلسكوب وأنشؤوا الفهارس التي تحتوي على معلومات أكثر من التي توفرها بيانات الأشعة السينية المتاحة حالياً.

اقرأ أيضاً: بفضل منظار جيمس ويب الفضائي: العثور على دليل لوجود الماء ضمن الغلاف الجوي لكوكب عملاق غازي

قالت قائدة فريق عمليات تلسكوب إي روزيتا، ميريام راموس-ثيخا، في بيان صحفي: “بذلنا مجهوداً كبيراً لإصدار بيانات وبرمجيات عالية الجودة. ونأمل أن يؤدي ذلك إلى تحفيز المزيد من العلماء حول العالم على الاستفادة من البيانات المرتفعة الطاقة وإحراز التقدمات في مجال علم فلك الأشعة السينية”.

أجرى تلسكوب إي روزيتا 3 عمليات مسح أخرى بين يونيو/حزيران 2020 وفبراير/شباط 2022، ولكن المشروع عُلّق بسبب الحرب الروسية الأوكرانية. ونُشر المزيد من النتائج المتعلقة بعلم الكونيات المبنية على تحليل متعمق للعناقيد المجرية بحلول منتصف شهر فبراير/شباط 2024. يمكنك الاطلاع على قائمة كاملة بالمنشورات العلمية الصادرة حديثاً والمبنية على البيانات الجديدة هنا.