تسببت جائحة فيروس كورونا في إغلاق المدارس، ولجأ العديد من الآباء إلى تحمّل مسؤولية تعليم أطفالهم في المنزل؛ إذا كنت أحدهم، فربما واجهت صعوبةً في تعليمهم؛ خصوصاً مادة الرياضيات؛ وذلك لأسبابٍ متعددة؛ مثل الاضطرار إلى التعامل مع مفاهيم رياضية قد لا تكون على درايةٍ بها؛ مثل مكونات الأعداد، الأعداد الزائدة، الاختزال وغير ذلك.
ولكن لا بأس بأن تكون إيجابياً، وتتقبّل فكرة تعلّم هذه المبادئ في حال لم تكن على درايةٍ بها، حتى تساعد طفلك في فهمها. إليك 5 طرق لمساعدة طفلك في فهم الرياضيات حتى إذا كنت لا تفهمها جيداً:
1. اعملا معاً
فكّر في الأمر كما لو أنّك ستتعلّم مفهوماً رياضياً جديداً بجانب طفلك بدلاً من شرحه له. بصفتك أحد والدي الطفل؛ سيكون لديك ميل طبيعي لدعم طفلك وتعليمه، ولكن ذلك سيكون مستحيلاً ما لم تكن مُلمّاً بما تريد شرحه. في هذا الصدد؛ يمكنك الاستفادة من تجاربك السابقة في حل المشكلات والتحديات التي تواجهك، لذلك كُن صريحاً، وقُل لطفلك أن هذه الطريقة أو المبدأ الرياضي جديدٌ عليك أيضاً، ولكنكما ستعملان معاً على فهمه.
2. ابدأ بالتدريج واستخدم الأدوات
في الواقع؛ قد تكون الكثير من المفاهيم الرياضية صعبة، وللتعامل معها؛ ابدأ باستخدام أدواتٍ بسيطة قدر الإمكان؛ مثل الأزرار، العملات المعدنية، قطع الليغو، وغيرها من الأدوات لمساعدة كليكما على الفهم؛ على سبيل المثال، قد تنجح هذه الأدوات في تعليم طفلك مبدأ مكوّنات الأعداد؛ أي تعلّم جمع أزواجٍ مختلفة من الأرقام ليكون الناتج عدداً معيناً.
كمثالٍ لذلك: مكونات العدد «7» هي (2 + 5) وَ (3 + 4). يمكنك وضع 7 أزرارٍ مثلاً وتقسيمها إلى 2 و 5، ثم إلى 3 و4، لتفهم أنت وطفلك هذا المبدأ الرياضي، وكيفية عمله.
3. فكّر في فائدة تعلّم الرياضيات
قد يبدو تعلّم الرياضيات عديم الجدوى، وقد يصيبك ذلك بالإحباط والملل، كما تعلم أنك -في النهاية- لست بحاجةٍ عملياً إلى حساب ناتج قسمة 155,252,188 على 19,838 مثلاً؛ طالما توجد آلة حاسبة على هاتفك المحمول ستقوم بذلك نيابةً عنك.
ولكن ذلك لا يعني أنك لن تكون بحاجةٍ إلى إجراء حساباتٍ ذهنية بنفسك مطلقاً خلال حياتك؛ فربما لديك 50 جنيهاً في جيبك فقط، وتريد معرفة ما إذا كانت كافيةً لشراء 3 عناصر؛ سعر كلّ منها 13 و 20 و 17 جنيهاً على التوالي. تسعفك معرفتك بمكونات الأعداد سريعاً لتستنتج أن 3 + 7 تساوي 10؛ وبالتالي فإن 13 + 17 تساوي 30؛ أي سيتبقى معك 20 جنيهاً ستكون كافيةً لشراء العنصر الثالث بالضبط.
في الواقع؛ ابتعدت نظريات التعلّم منذ الثمانينيات عن أسلوب التعلّم بواسطة الحفظ عن ظهر قلب؛ خاصّةً في مادة الرياضيات، لأنها ستجعل التلميذ بعيداً عن الرياضيات العملية؛ لذلك نصح خبراء التعليم باتباع طرقٍ أكثر جاذبيةً؛ قائمة على التعلّم من خلال التجربة. في الحقيقة؛ لقد كان منهج تدريس الرياضيات الوطني في بريطانيا متخلّفاً عن هذا الأسلوب، إلى أن تمّ إطلاق الاستراتيجية الوطنية للحساب عام 1999؛ والتي هدفت إلى تسهيل بناء أسسٍ سليمة في الرياضيات لجميع طلاب المدارس الابتدائية، وتوفير الموارد المساعدة لذلك، كما تبع ذلك تحديث آخر للمناهج الوطنية عام 2013.
يعتمد أسلوب التعليم حالياً على تشجيع الطلاب لحلّ المشاكل بأنفسهم، ليصبحوا ماهرين في العمليات الحسابية، ولديهم القدرة على التفكير المنطقي وتطبيق ما تعلمّوه في الواقع؛ مثلا، عندما تعلّم طفلم مفهوم مكونات الأرقام، ففي الواقع أنت تساعده على تطوير أداةٍ رقمية تسمح له بإجراء العمليات الحسابية البسيطة بكفاءة؛ والتي تجعله بشكلٍ أو بآخر أكثر قدرةً على التعامل مع مشكلات الحياة والعمل اليومية.
4. تجنب عامل الخوف
من السهل؛ خاصةً إذا كانت لديك تجربة سيئة مع الرياضيات في الماضي، أن تؤثّر سلباً على طفلك وتثير مخاوفه من هذه المادة؛ إذ يمكن لتدريس مفاهيم جديدةٍ غير معروفة لك أن يتسبب بإصابتك مجدداً بما يُعرف بـ «قلق الرياضيات»؛ والذي يُعرف بأنه الخوف غير المبرر من إجراء أية عملياتٍ حسابية، وقد تنقل هذا الخوف إلى طفلك، ناهيك عن العواقب السلبية الإضافية التي قد تؤثر على حبه للمدرسة، وحتى على القرارات التي يتخذها في المستقبل.
ببساطة؛ فكّر في أن ما تعلمّه لطفلك ليس رياضياياً بحتاً، بل تعلمه أدواتٍ مفيدةً لحياته. يمكنك إعطاء دروس الرياضيات اسماً آخر محبباً؛ مثل «حيل حلّ المشكلات» أو «أدوات الحساب»؛ والتي تعكس قدراتك بشكلٍ أفضل؛ بذلك تعزّز الثقة بنفسك، وتُبعد شبح قلق الرياضيات عنك وعن طفلك.
5. طبّق الرياضيات في الواقع
بمجرد أن تتعلم أنت وطفلك مفهوماً رياضياً جديداً، حاول أن تجعله أكثر واقعيةً؛ من خلال تطبيقه على الأشياء في حياتك اليومية؛ على سبيل المثال، اصنع مكوّنات الأعداد من قطع البسكويت أو الفاكهة، اجمع أسعار السلع التي تشتريها من السوبر ماركت، لا تكن نمطياً دائماً، اصنع أنماطاً ملونةً لمكونات الأرقام باستخدام حجارة البناء مثلاً، أو أشياء مثل العصي والأوراق التي تجدها في نزهتك.
أخيراً؛ لا تيأس إذا عانيت في البداية أحياناً، امنح نفسك وطفلك متسعاً من الوقت لتعلّم الأفكار الجديدة. قد تكون بعض المفاهيم الرياضية غير بديهية أو صعبة، ومن الجيد أحياناً ترك تعلمها حالياً والانتقال إلى تعلّم شيءٍ آخر، ومن ثمّ العودة إليها في وقتٍ لاحق. ولا بأس بمكافأة نفسك على نجاحاتك، وتذكر أن التعلم بطريقة أكثر إيجابيةً ومرحاً سيساعد في جعل التعليم المنزلي تجربةً إيجابية.
هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً