عندما يُقال إن الطب مهنة إنسانية فلا يُقصد بذلك أنهم يساعدون البشر على الشفاء من الأمراض والتخلص من الأوجاع فحسب، فالأطباء يعرّضون أنفسهم لخطر إضافي لتطوير مجموعة من الحالات الصحية في أثناء قيامهم بعملهم.
وأبسط مثال على ذلك هو ما قام به الأطباء في أثناء جائحة كوفيد-19، ففي ذلك الوقت الذي كان فيه الجميع يتجنب مخالطة أي فرد خشية الإصابة بكوفيد-19، كان الأطباء على تماسٍ مباشرٍ مع المرضى المصابين لمساعدتهم على الشفاء.
اقرأ أيضاً: ما آخر ما توصلت إليه الأبحاث حول فوائد صيام شهر رمضان؟
وحتى خارج أوقات الجائحات التي يكون فيها الخطر على أشده، يكون الأطباء على تماسٍ مباشرٍ مع العوامل الممرضة وهم منخرطون في نمط حياة يملؤه التعب والإجهاد الضغط النفسي، فما الأمراض التي يكثر حدوثها في كل اختصاص طبي؟
إليك الأمراض التي تُصيب كل طبيب حسب اختصاصه
بدايةً، من المهم أن يُسلّط الضوء على أن خطر الإصابة بالأمراض في كل اختصاص يتباين تبعاً للعوامل الفردية مثل نمط حياة الطبيب والعوامل الجينية والبيئية، لهذا لا يعني أن كل طبيب سيُصاب حتماً بهذه الحالات الصحية، والأصح القول إن بعض الاختصاصات تقدّم يد العون لبعض الأمراض والحالات الصحية بإيجاد طريقها إلى جسم الطبيب، وإليك أبرز هذه الاختصاصات الطبية وأبرز المضاعفات الصحية التي تترافق معها.
أطباء الأسرة أو الأطباء العامون: مسببات عديدة للمرض
هذان الاختصاصان هما الخط الطبي الأول الذي يلجأ إليه المرضى. ومن الحالات الصحية التي ترتبط باختصاص طب الأسرة ارتفاع ضغط الدم وزيادة الوزن أو الإصابة بداء سكري، والسبب في ذلك أن نمط حياة الطبيب يكون عبارة عن ساعات طوال من العمل في المكتب يملؤها الضغط النفسي والجسدي. لهذا قد لا يتعرض طبيب الأسرة لضغط نفسي مثل طبيب الطوارئ، إلّا أن نمط العمل أكثف، حيث يقابل طبيب الأسرة عدداً أكبر من المرضى ما يحفّز القلق والتوتر، وهذا يعني ارتفاع مستوى الكورتيزول في الدم، والذي بدوره يكون ذا تأثير سلبي في الصحة.
الأطباء الجرّاحون: الأمراض الهيكلية
يعاني الجراحون اضطرابات الجهاز العضلي الهيكلي بالدرجة الأولى، وأبسط الأمثلة على ذلك هو حدوث ألم الظهر والإصابة بمتلازمة النفق الرسغي، بالإضافة إلى أمراض المفاصل التنكسية. فاختصاص الجراحة يتطلب قوة بدنية وعدد ساعات طويلة يقضيها الجراحون واقفين في غرف العمليات، كما أن الوقوف المطول يُعرّض الطبيب للإصابة بأمراض الأوعية مثل الدوالي.
اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع مريض القصور الكلوي المزمن؟
أطباء الطوارئ: أمراض مرتبطة بالقلق
يشتمل اختصاص طب الطوارئ على التعرض لمواقف صادمة وساعات طويلة من العمل تخلو من السكينة، لهذا يميل أطباء الطوارئ للإصابة بالحالات الصحية المرتبطة بالقلق مثل التوتر والاكتئاب والاحتراق الوظيفي، إذ عليهم أن يبقوا يقظين وعلى أهبة الاستعداد طوال فترة مناوباتهم استعداداً لحدوث أي طارئ.
الأطباء النفسيون: القلق والتوتر
نتيجة طبيعة عمل الأطباء النفسيين واحتكاكهم الدائم مع المرضى غير المستقرين، يتعرّضون بشكلٍ مستمر لمحفزات نفسية غير سوية، لهذا السبب يميل الأطباء النفسيون للإصابة بالقلق والتوتر والاكتئاب واضطرابات سوء الاستخدام والتعاطي أي المخدرات أكثر من غيرهم.
اختصاص طب الأورام: السرطانات نفسها
على الرغم من أن السرطان غير معدٍ فإن أطباء الأورام أنفسهم في خطر تطوير بعض أنواع السرطانات، نتيجة التعرض المحتمل للعوامل المسرطنة، بالإضافة إلى التثبيط المناعي الناجم عن نمط الحياة الذي يعمه التوتر الخاص بطبيب الأورام.
تنجم بعض السرطانات عن فيروسات مثل الفيروس الحليمي البشري الذي يُسبب سرطان البلعوم وسرطان عنق الرحم، كما يمكن لهم أن يتعرضوا لجرعات إضافية من الأشعة عند إشرافهم على علاج مرضاهم، لهذا على أطباء الأورام أن يطبقوا إجراءات الحماية والوقاية على الدوام.
أطباء الجلدية: الأمراض الجلدية
تنتقل بعض الأمراض الجلدية من المريض إلى الطبيب مثل التهاب الجلد التماسي والإكزيما، كما يزداد انتشار الأمراض الجلدية بين الأطباء الذين يتعرضون لعوامل متنوعة مثل المواد الكيميائية ومسببات الحساسية والأشعة الفوق البنفسجية التي تُستخدم لأغراض طبية وعلاجية.
أطباء التخدير: الألم المزمن والتعرض للمواد المخدرة
في أثناء الجراحة، يقف الجراح مؤدياً العمل الجراحي بينما يجلس أخصائي التخدير مراقباً العلامات الحيوية للمريض من نبض وتنفس وضغط طوال الوقت، وبالتالي يتصف نمط عملهم أيضاً بأنه لا يخلو من الضغط والاستنفار المستمرين. لذلك تنتشر اضطرابات الألم المزمن كألم الظهر المزمن والمشكلات الصحية مثل التوتر والأرق لديهم.
اقرأ أيضاً: ما هي متلازمة الشرق الأوسط "التنفسية"؟ وكيف تتعامل مع المصاب بها؟
بالإضافة إلى المخاطر المهنية المحتملة المرافقة لاختصاصهم مثل التعرض للغازات المخدرة كغاز أوكسيد النتروز، التي بدورها تزيد من احتمال حدوث اضطرابات تعاطي المواد المخدرة لديهم.