لماذا انسحبت الجامعة التي درس فيها أينشتاين من التصنيف الدولي للجامعات؟

4 دقيقة
لماذا انسحبت الجامعة التي درس فيها أينشتاين من التصنيف الدولي للجامعات؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/William Potter
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

اعتدنا على تصنيف كل شيء تقريباً، ووضع قوائم لأفضل المطاعم والمدن والأفلام، وصولاً للتصنيفات الدولية للجامعات.

بدأت فكرة تصنيف الجامعات منذ بضعة عقود، ومنذ ذلك الحين أصبحت هذه التصنيفات منتشرة في كل مكان، واكتسبت أهمية وقبولاً واسعين. تأخذ المؤسسات، وخاصة تلك التي تحتل مراتب عالية، هذه التصنيفات على محمل الجد، بل تخصص موظفين لجمع البيانات التي يطلبها القائمون على التصنيف. كما يهتم بها المتبرعون للجامعات، وتتناولها وسائل الإعلام، ويستخدمها بعض أولياء الأمور لاختيار جامعات لأبنائهم.

لكن إذا كان الأمر كذلك، فلماذا تصف جامعة زيوريخ التصنيف السنوي لملحق التايمز للتعليم العالي بأنه بلا قيمة؟

اقرأ أيضاً: كيف نساعد أولادنا على اختيار الفرع الجامعي المناسب لهم؟

زيوريخ ترفض تصنيف التايمز: التركيز على الكم يُفقد التعليم جوهره

أعلنت جامعة زيوريخ السويسرية رفضها المشاركة في التصنيف الجامعي الذي تصدره مجلة التايمز للتعليم العالي، معللة ذلك بأن هذا التصنيف يعتمد على معايير غير دقيقة ويخلق حوافز خاطئة للجامعات. 

وأوضحت الجامعة في بيان لها أن التصنيفات الجامعية تركز بدرجة كبيرة على النتائج القابلة للقياس الكمي، مثل عدد المنشورات البحثية، ما يدفع الجامعات إلى التركيز على زيادة كمية الإنتاج البحثي على حساب جودة المحتوى العلمي. 

كما أشارت جامعة زيوريخ إلى أن هذه التصنيفات لا تعكس بشكل شامل إنجازات الجامعة المتنوعة في مجالات البحث والتعليم، وبالتالي فهي لا تقدم صورة دقيقة عن جودة التعليم والبحث العلمي في الجامعة. وعليه، قررت جامعة زيوريخ وقف تقديم بياناتها لمجلة التايمز للتعليم العالي، مؤكدة أن جودة التعليم والبحث العلمي لا تقاس بالأرقام والتصنيفات. وتؤكد جامعة زيوريخ أنها لا تتوقع أي تأثير سلبي على معدل إقبال الباحثين والطلاب نتيجة لقرارها، وتثق في جودة برامجها وبيئتها الأكاديمية المتميزة.

جامعة زيوريخ تتحدى هيمنة تصنيفات الجامعات العالمية

انضمت جامعة زيوريخ، المؤسسة السويسرية التعليمية المرموقة، إلى مجموعة متنامية من الجامعات العالمية التي تعبر عن شكوكها بشأن مصداقية أنظمة تصنيف الجامعات. فقد أعلنت الجامعة أنها تدرس جدوى المشاركة في التصنيفات الشهيرة مثل تصنيف (QS) وتصنيف شنغهاي وتصنيف (US News and World Report).

يُذكر أن جامعة زيوريخ التي تخرّج فيها عالم الرياضيات والفيزيائي الألماني ألبرت أينشتاين احتلت المرتبة 80 في تصنيف التايمز للتعليم العالي لعام 2024 الذي صدر في سبتمبر/أيلول 2023.

حركة عالمية للانسحاب

ليست جامعة زيوريخ الوحيدة التي تتبنى هذا النهج، فقد سبقتها جامعة أوتريخت الهولندية بالانسحاب من تصنيف التايمز للتعليم العالي، منتقدة منهجيته المشكوك فيها. كما دعت اتحادات طلاب سويسرية إلى مقاطعة هذه التصنيفات “المتحيزة”. تعد جامعة زيوريخ جزءاً من مجموعة كبيرة تضم نحو 600 مؤسسة تعليمية عالمية انضمت إلى “تحالف النهوض بتقييم الأبحاث”. يهدف هذا التحالف، الذي أسسته منظمة “علوم أوروبا” و”رابطة الجامعات الأوروبية” وغيرهما من المنظمات، إلى تطوير منهجية لتقييم البحوث العلمية بصورة أكثر عدالة وشفافية.

تحليل تصنيفات الجامعات: رحلة البحث عن الأفضل

بالنسبة للكثير من الطلاب والباحثين الذين يتطلعون للدراسة أو إجراء الأبحاث في الخارج، تُعد تصنيفات الجامعات بمثابة دليل يساعدهم في اختيار وجهتهم. لكن تصنيفات الجامعات تعتمد على معايير ومؤشرات مختلفة، ما يجعل من الصعب تحديد “التصنيف الأمثل”. فكل تصنيف يركز على جوانب معينة، مثل جودة التدريس، أو البحوث، أو السمعة الأكاديمية؛ وهذا يؤدي إلى تفاوت كبير في ترتيب الجامعات. على سبيل المثال، احتلت جامعة زيوريخ المرتبة السادسة في تصنيف (QS) لعام 2020، بينما جاءت في المرتبة 13 في تصنيف التايمز لنفس العام. يفسر هذا التنوع في المعايير اختلاف ترتيب الجامعات بين التصنيفات؛ فبينما يركز بعضها على البحوث المنشورة، يهتم البعض الآخر بجودة التدريس أو عدد جوائز نوبل.

اقرأ أيضاً: ما هو الغرض من الدراسة في الجامعة؟

أشهر التصنيفات العالمية

توجد تصنيفات عالمية عديدة للجامعات، ولكل منها منهجيتها ومعاييرها الخاصة. من أهم هذه التصنيفات:

  • تصنيف التايمز للتعليم العالي: يعتمد على 13 مقياس أداء لتقييم الجامعات بناءً على خمسة مجالات، تشمل التدريس والبحث والاستشهادات والنظرة الدولية والابتكار.
  • التصنيف الأكاديمي للجامعات العالمية (شنغهاي): يركز على جودة البحث العلمي ومخرجاته، بما في ذلك الجوائز والأبحاث التي يتم الاستشهاد بها على نحو متكرر.
  • تصنيف يو إس نيوز آند وورد ريبورت لأفضل الجامعات العالمية: يقيّم الجامعات بناءً على أداء البحث العلمي وسمعتها العالمية والإقليمية.
  • تصنيف (QS) للجامعات العالمية: يقيّم الجامعات بناءً على السمعة الأكاديمية، ونسبة أعضاء هيئة التدريس إلى الطلاب، واستشهادات الأبحاث لكل عضو هيئة تدريس، ونسبة أعضاء هيئة التدريس الدوليين، ونسبة الطلاب الدوليين.
  • تصنيف (CWUR) للجامعات العالمية: يركز على أداء البحث العلمي، وجودة أعضاء هيئة التدريس، وتوظيف الخريجين، والتأثير.
  • التصنيفات الوطنية والإقليمية: توجد تصنيفات محلية للجامعات في العديد من البلدان والمناطق.

ما الانتقادات الموّجَهة إلى تصنيفات الجامعات؟

تتنوع الانتقادات الموجهة للتصنيفات؛ فبعضها يستنكر منهجيتها المعيبة وطابعها النخبوي، أو إغفالها للقيم الاجتماعية للجامعات، وتصل بعض الانتقادات إلى اتهامها بتلقي أموال للتلاعب بالنتائج.

  • التركيز على البحث العلمي: تتعرض تصنيفات عديدة للنقد بسبب تركيزها المفرط على البحث العلمي على حساب جودة التدريس.
  • المعايير والمنهجية: تثير منهجية التصنيفات واختيار معاييرها الكثير من الجدل، وتتعرض للانتقاد بسبب التحيز وعدم الشفافية.
  • التنافسية المفرطة: تشجع التصنيفات على التنافسية المفرطة بين الجامعات، ما قد يؤدي إلى التلاعب بالنتائج.
  • التبسيط المفرط: يرى البعض أن هذه التصنيفات تبالغ في تبسيط طبيعة هذه المؤسسات التعليمية العريقة ولا تعكس جودتها الحقيقية.

لذا، تدعو رابطة الجامعات الأوروبية إلى إيجاد بدائل أكثر عدالة وشفافية لتقييم الجامعات.

اقرأ أيضاً: هل أنت مستعد نفسياً لدخول الجامعة؟

دور تصنيفات الجامعات

على الرغم من الانتقادات، تؤدي تصنيفات الجامعات دوراً مهماً في تشكيل تصورات الطلاب وأصحاب العمل والباحثين عن الجامعات، إضافة إلى أنها تحفز الجامعات على تحسين أدائها وسمعتها. فكيف يمكن للطالب أو الباحث اختيار الجامعة المناسبة؟

يمكن أن تساعد هذه النصائح الطلاب والباحثين:

  • النظر إلى التصنيفات المختلفة: لا يوجد تصنيف مثالي، فالنتائج تعتمد على مجموعة محددة من المعايير والنسب المخصصة لها، والتي تُحدَّد بالتشاور مع القطاع الأكاديمي، لذا من المهم النظر إلى التصنيفات المختلفة والتركيز على المعايير التي تهم الطالب؛ فالطلاب قد يهتمون بمعايير جودة التدريس والموارد المتاحة، بينما يركز الباحثون على سمعة المؤسسة وإنتاجيتها البحثية.
  • تحليل البيانات بعناية: يجب الانتباه إلى منهجية التصنيف وكيفية جمع البيانات.
  • التركيز على الجودة: يجب البحث عن البرامج الأكاديمية والبيئة البحثية التي تناسب احتياجات المتقدم. يؤكد معهد لوزان الفيدرالي للتكنولوجيا أن التصنيفات الحالية ذات قيمة محدودة، ولا تؤثر على استراتيجيته أو قراراته. ويَنصح الطلابَ والباحثين بالتركيز على مقارنة البرامج الدراسية ومناهج البحث بدلاً من الاعتماد على التصنيفات عند اختيار الجامعة.
  • زيارة الجامعات: تُفضَّل زيارة الجامعات للتعرّف إلى بيئتها الأكاديمية وثقافتها.
  • نظرة شاملة: يُنصح بالنظر إلى التصنيفات المختلفة نظرة شمولية للحصول على فكرة عامة عن أداء الجامعات وتصورها. فكل تصنيف يسلط الضوء على جوانب معينة، ومن خلال تحليلها معاً يمكن الحصول على صورة أكثر اكتمالاً.