ملخص:
المشكلة: العثور على كميات ضئيلة من مادة الكوكايين في أسماك القرش، وغيرها من الكائنات البحرية التي يتناولها البشر في أنحاء العالم كافة.
السبب: تخلُّص المهربين من الكوكايين والمواد المخدرة في البحار والمحيطات في أثناء عمليات التهريب والاتجار غير المشروع بها.
الحل: مكافحة تهريب المواد المخدرة، والتخلص من المواد الضارة، كالمواد المخدرة، من خلال إلقائها في المحيطات والبحار.
يمثّل ابتلاع الأسماك للمواد البلاستيكية الدقيقة مشكلة بيئية خطيرة، لكن الأبحاث الجديدة تشير إلى وجود مشكلات إضافية ناتجة من الأنشطة البشرية التي تؤثر سلباً على البيئة البحرية. وفقاً لدراسة نشرتها مجلة علوم البيئة العالمية (Science of the Total Environment) في 15 يوليو/تموز، أكد الباحثون في معهد أوزوالدو كروز فاونديشن (Oswaldo Cruz Foundation) في البرازيل وجود كميات ضئيلة من مادة الكوكايين والمستقلب الرئيسي لها، مادة البنزويليغونين، في 13 سمكة قرش برازيلية حادة الأنف اشتروها من صيادين تجاريين في مدينة ريو دي جانيرو.
تشير مجلة آي إف إل ساينس (IFL Science) إلى أن هذه النتائج تمثّل أول اكتشاف لوجود هذه المادة في أسماك القرش التي تعيش في بيئتها الطبيعية.
اقرأ أيضاً: كيف يستنزف التلوث المياه العذبة؟
كيف وصلت هذه المواد إلى أسماك القرش؟
على غرار العديد من الملوثات الأخرى الناجمة عن النشاطات البشرية، تجد المواد المخدِّرة، التي يتخلّص منها المهرّبون أو يفقدونها خلال عمليات الاتجار الدولي غير المشروع، طريقها إلى المحيطات، ما يؤدي إلى تسمم الكائنات البحرية وتلوث النظم البيئية. على سبيل المثال، تمكنت السلطات في العام الماضي من انتشال كميات كبيرة من أكياس الكوكايين التي كانت تطفو قبالة سواحل نيوزيلندا. على الرغم من الأبحاث السابقة التي تناولت تأثير المواد المخدّرة على حيوانات مثل الثعابين البحرية وأسماك الزرد المخططة، فإن الخبراء لم يكونوا على دراية كافية بكيفية تفاعل أسماك القرش مع المواد المخدّرة وتأثيرها عليها، باستثناء بعض التجارب الغريبة في برنامج أسبوع القرش (Shark Week) في عام 2023.
بفضل جهود الباحثين في البرازيل، توصل علماء الأحياء البحرية إلى إجابة قاطعة، وإن كانت مؤسفة، وهي أن أسماك القرش معرّضة لتناول الكوكايين إذا صادفته في بيئتها الطبيعية. بين عامي 2021 و2023، اشترى الباحثون أكثر من 10 أسماك قرش برازيلية حادة الأنف من قوارب الصيد المحلية بالقرب من مدينة ريو دي جانيرو. يمكن العثور على هذا النوع المهدد بالانقراض غالباً في المياه الساحلية للمنطقة، ويتراوح طوله عادةً بين 52 و70 سنتيمتراً ويصل وزنه إلى 3 كيلوغرامات. بعد وزن العيّنات وقياسها، أجرى الفريق عمليات التشريح لدراسة أنسجة العضلات والكبد. كانت النتائج قاطعة، إذ أظهرت أن أسماك القرش التي خضعت للفحص جميعها تحتوي على كميات ضئيلة من الكوكايين تصل إلى 23 ميكروغراماً في كل سمكة تقريباً. على نحو أدق، تبيّن أن 92% من عينات العضلات و23% من عينات الكبد تحتوي على مادة البنزويليغونين، وهي أحد المستقلبات الرئيسية للكوكايين.
الجدير بالذكر أن الميكروغرام الواحد يساوي جزءاً من المليون من الغرام. لذلك، يجب التركيز على كلمة "ضئيلة" في عبارة "كميات ضئيلة".
كيف يؤثّر الكوكايين في الكائنات البحرية؟
ما يُثير القلق أيضاً هو أنه على الرغم من أن الخبراء يمتلكون الآن دليلاً ملموساً على تناول أسماك القرش الكوكايين، فإنهم لم يدرسوا بعد كيفية تفاعل المواد الكيميائية الموجودة في الكوكايين مع الأسماك. وعلى الرغم من ذلك، فقد كشفت الدراسات السابقة التي أجراها باحثون على أسماك الزرد المخططة والثعابين البحرية، عن تأثير الكوكايين فيها من ناحية تغيير طبيعة جلدها وتعطيل الوظائف الهرمونية وتغيير البروتينات المهمة داخل أنظمتها. على غرار مشكلات التلوث البيئي جميعها، فإن هذه المشكلات لا تظل بالضرورة محصورة في مناطق محددة، بل تنتشر غالباً إلى مناطق أخرى خارج نطاق مصدرها الأصلي.
اقرأ أيضاً: تغير المناخ يجرد المحيطات من الأوكسجين ويعرض الحياة البحرية للخطر
يقول مؤلفو الدراسة: "على الرغم من عدم تحديد التركيزات القصوى المسموح بها من الكوكايين أو البنزويليغونين في المواد الغذائية، فإن هذه النتائج تشير إلى مخاطر محتملة على صحة الإنسان؛ نظراً للاستهلاك الكبير لأسماك القرش في مدينة ريو دي جانيرو، في الواقع، لا يقتصر استهلاك أسماك القرش على منطقة واحدة؛ إذ يتناول الناس هذا النوع من الأسماك في أنحاء البرازيل كافة، وعلى مستوى العالم أيضاً".