هل تعلم أن صديقك الذي ولد بعدك بسنتين قد يكون أكبر عمراً منك؟ هذا صحيح؛ فالأجيال الشابة تتقدم في العمر أسرع من غيرها، وفقاً لدراسة جديدة طُرحت في المؤتمر السنوي للجمعية الأميركية لأبحاث السرطان (American Association for Cancer Research).
علاوة على ذلك، وجد الباحثون في الدراسة الحديثة صلة بين تسارع الشيخوخة والظهور المبكر للسرطان، وهو ما قد يكون سبب الشيخوخة البيولوجية المتسارعة.
تسارع الشيخوخة البيولوجية
ما هو عمرك؟ إنه بعدد أعياد ميلادك جميعها؛ باعتباره تعريفاً لعمرك الزمني، هذا صحيح، لكن تقدماً آخر في العمر يحدث على المستوى الخلوي وقد لا يتطابق مع عمرك الزمني، وهو العمر البيولوجي الذي كشف الأطباء عنه في الدراسة الحديثة.
اقرأ أيضاً: باحث مصري ينجح في عكس الشيخوخة عن طريق إعادة تنظيم الجينوم
لتقدير العمر البيولوجي، اعتمد فريق الباحثين على سجل بيانات في المملكة المتحدة يدعى (UK Biobank)، وهو دراسة كبيرة طويلة المدى للبنك الحيوي في المملكة المتحدة. فحص الأطباء السجلات الطبية لـ 148,724 مشاركاً تتراوح أعمارهم بين 37 و54 عاماً، وتوصلوا إلى تغيرات في 9 عوامل مرتبطة بالعمر البيولوجي، وهي:
- الألبومين: بروتين يصنعه الكبد ويتراجع تصنيعه مع التقدم في العمر.
- الكرياتينين: ينتج عن هضم البروتين الغذائي، والتآكل والتمزق في الأنسجة العضلية، والذي يحدث على نحو طبيعي نتيجة النشاط البدني، وهو مقياس لوظائف الكلى.
- الغلوكوز: عادة ما ترتفع مستوياته في الدم لفترة أطول بعد الوجبات مع التقدم في السن.
- البروتين التفاعلي سي: ينتجه الكبد استجابةً للالتهاب؛ وتزداد نسبه مع التقدم في السن.
- نسبة الخلايا اللمفاوية: وهي الخلايا المرتبطة بوظيفة المناعة، وتميل إلى الانخفاض مع التقدم في السن.
- متوسط حجم الخلية: إذ يزداد متوسط حجم خلايا الدم الحمراء مع تقدم العمر.
- تنوع قطر خلايا الدم الحمراء: وهو الفرق بين قطر أصغر خلايا الدم الحمراء وأكبرها، والذي يميل عادة إلى الزيادة مع تقدم العمر.
- الفوسفاتاز القلوي (alkaline phosphatase): إنزيم يفرزه الكبد والعظام، وتزداد نسبته مع التقدم في العمر.
- عدد خلايا الدم البيضاء: قد تتوافق أعداد خلايا الدم البيضاء في الحد الأعلى من النطاق الطبيعي في الدم مع زيادة الشيخوخة.
لتحليل البيانات وحساب العمر البيولوجي، استخدم الباحثون خوارزمية فينو أيج (PhenoAge)، ومن خلال تقديره ومقارنته مع العمر الزمني لكل مشارك، تمكنوا من تحديد تسارع الشيخوخة البيولوجية. ولدى فحص السجلات، كان الأفراد الذين ولدوا في عام 1965 وما بعده أكثر عرضة بنسبة 17% لإظهار الشيخوخة المتسارعة مقارنة بأولئك الذين ولدوا في الفترة من 1950 إلى 1954.
الصلة بين الشيخوخة المتسارعة ومخاطر الإصابة بالسرطان المبكر
بعد تحديد العمر البيولوجي وتسارع الشيخوخة البيولوجية، بحث الأطباء عن عدد المشاركين المصابين بالسرطان المبكر؛ وهو السرطان الذي يظهر قبل سن الـ 55، ووجدوا أن تسارع الشيخوخة كان مرتبطاً بزيادة خطر الإصابة بالسرطان المبكر، وعلى وجه التحديد:
- سرطان الرئة: زيادة بنسبة 42%.
- سرطان الجهاز الهضمي: زيادة بنسبة 22%.
- سرطان الرحم: زيادة بنسبة 36%.
وبزيادة خطر الإصابة بالسرطان المتأخر، أي ما بعد سن الـ 55، كما يلي:
- سرطان الجهاز الهضمي بنسبة 16%.
- سرطان الرحم بنسبة 23%.
توصل الباحثون إلى أن التدخلات لإبطاء الشيخوخة البيولوجية يمكن أن تكون وسيلة جديدة للوقاية من السرطان.
اقرأ أيضاً: اكتشاف طفرات وراثية جديدة تسبب الشيخوخة
هل يمكن إبطاء الشيخوخة البيولوجية؟
على عكس العمر الزمني الذي لا يمكن التحكم به أو إيقافه، فإن من الممكن إبطاء العمر البيولوجي أو حتى عكسه، وذلك من خلال التحكم بالعوامل المسببة لزيادة خطر الإصابة بالسرطان المبكر.
ففي دراسة سابقة نُشرت في دورية مراجعات الطبيعة لعلم الأورام السريري (Nature Reviews Clinical Oncology)، وجد الباحثون أن عوامل نمط الحياة التي تبدأ في الحياة المبكرة ومرحلة سن البلوغ، قد تؤثر في خطر الإصابة بالسرطان المبكر، وتشمل:
- اتباع النظام الغذائي الغربي الغني بالدهون المشبعة واللحوم الحمراء واللحوم المصنعة والسكريات والأطعمة فائقة المعالجة، والفقير بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والألياف.
- انخفاض معدلات الرضاعة الطبيعية وزيادة استهلاك الحليب الاصطناعي.
- التدخين، بما فيه التدخين السلبي أو التعرض داخل الرحم.
- الحرمان من النوم لدى الأطفال بسبب الأضواء الساطعة في أثناء الليل.
- العمل في الورديات الليلية، فذلك يزيد خطر الإصابة بالسمنة المفرطة والسكري، وهي عوامل خطرة للإصابة بالسرطان.
- الخمول البدني.
اقرأ أيضاً: شيخوخة العضلات: ما هي التغيرات العضلية الهيكلية التي ترتبط مع التقدم بالعمر؟
وضح طبيب الأورام أندريه غوي (Andre Goy)، أننا اليوم مدفوعون بوسائل التواصل الاجتماعي التي توجه سلوكياتنا، بما في ذلك عادات الأكل وروتين الحياة، وتؤثر على دوافعنا ورغباتنا، حيث نقضي معظم وقتنا خلف الشاشات، ما يؤدي إلى الإرهاق العاطفي الناتج عن مطاردة معايير العالم الافتراضي.
ويقترح غوي أنه يمكن إبطاء الشيخوخة البيولوجية باتخاذ الخيارات الصحية، مثل تحسين العادات الغذائية، وزيادة النشاط البدني، والحصول على قسط كافٍ من النوم.
برايان جونسون: الرجل الذي يتقدم في السن إلى الوراء
برايان جونسون رجل أعمال أميركي اتبع برنامجاً خاصاً بمكافحة الشيخوخة تكلفته مليونا دولار، عُرف باسم مشروع بلوبرينت (Project Blueprint)، والذي يقول الأطباء إنه عكس عمره البيولوجي نحو 5 سنوات، حيث منحه قلباً يبلغ من العمر 37 عاماً، ورئة شخص يبلغ من العمر 18 عاماً.
يتضمن برنامج جونسون لمكافحة الشيخوخة نظاماً غذائياً وروتيناً يومياً صارماً، بما في ذلك:
- تناول 1,977 سعرة حرارية يومياً من مصادر نباتية.
- ممارسة الرياضة عالية الكثافة لمدة ساعة في اليوم، متضمنة 25 تمريناً مختلفاً، 3 مرات في الأسبوع.
- النوم يومياً في 8:30 مساءً، وذلك بعد ساعتين من ارتداء النظارات التي تحجب الضوء الأزرق.
- تنظيف الأسنان بعد كل وجبة طعام بالفرشاة والخيط ثم المضمضة بزيت شجرة الشاي، ووضع مرهم مضاد للأكسدة.
- قياس الوزن ومؤشر كتلة الجسم ودهون الجسم يومياً.
- مراقبة درجة حرارة الجسم في أثناء اليقظة ومستويات الغلوكوز في الدم.
- قياس تغير معدل ضربات القلب ومستويات الأوكسجين في أثناء النوم.
- وضع 7 كريمات يومياً على البشرة لإصلاح أضرار أشعة الشمس، والحصول على تقشير حمضي أسبوعي وعلاج بالليزر.