أشارت نتائج دراسة صغيرة لم تُنشر بعد، إلى أن حرق جزء صغير من الأنسجة المبطنة للجزء العلوي من المعدة، والتي تفرز هرمون الجوع، يؤدي إلى تقليل الشهية وخفض الوزن، وبالتالي يمكن أن يشكّل هذا الإجراء علاجاً محتملاً للسمنة.
حرق بطانة المعدة لخفض الوزن
أفاد باحثون في دراسة تجريبية صغيرة قُدِمت في الاجتماع السنوي لأسبوع أمراض الجهاز الهضمي المُنعقد في مايو/أيار في واشنطن، بأن حرق رقعة من بطانة معدة المرضى المصابين بالسمنة بالطاقة الحرارية أدّى إلى الحد من الجوع وخفض الوزن بسبب استهداف هرمون الجوع "الغريلين".
يحفّز الغريلين الشهية والرغبة في تناول الطعام، وتفرزه الخلايا المبطنة للجزء العلوي من المعدة، ولا يوجد دواء يستهدفها حتى الآن، لكن يبدو أنه يمكن استهداف الأنسجة التي تنتج الغريلين بشكلٍ مباشر. تزيل بعض عمليات تخفيض الوزن الجراحية هذه الخلايا أو جزءاً منها.
اقرأ أيضاً: ما أسباب أصوات المعدة بعد تناول الطعام؟ وكيف تتخلص منها؟
يُعدُّ حرق المعدة إجراءً بسيطاً نسبياً، يتسم بالحد الأدنى من التدخل الجراحي، ويُسمَّى استئصال الغشاء المخاطي لقاع المعدة بالمنظار، ويعتمد على منظار داخلي يمكن تمريره إلى أسفل الحلق، ويستغرق أقل من ساعة ولا يتطلب دخول المستشفى، وتقتصر آثاره الجانبية على الغثيان والتشنج الخفيف، وذلك على عكس جراحة السمنة التي تتضمن العديد من التقنيات لتقييد حجم المعدة أو التأثير في امتصاص الطعام، ويبقى المريض بعدها في المستشفى عدة أيام ويستغرق تعافيه عدة أسابيع، وتترتب عليها بعض المخاطر التي قد تؤدي إلى الوفاة، لذلك يتجنب العديد ممن يعانون السمنة الجراحة.
يُعدُّ حرق بطانة المعدة خياراً أسهل؛ إذ يتضمن الإجراء إدخال سائل لحماية أنسجة المعدة الأساسية ثم استخدام جهاز صغير لاستئصال أو حرق البطانة المخاطية للجزء العلوي من المعدة. ويبدو أيضاً أنه أقل خطراً، لكنه يتطلب إجراء المزيد من الدراسات، وتوخي الحذر قبل تطبيقه على عددٍ كبيرٍ من المرضى، على الرغم من أنه إجراءٌ مُتَّبع لإزالة العقيدات الصغيرة والأورام وحتى السرطانات المبكرة داخل المريء وما حوله، لكن هذه هي المرة الأولى التي يُستخدم لفقدان الوزن.
نتائج واعدة لكنها غير كافية
شملت الدراسة 10 نساء فقط يعانين السمنة، ولديهن مؤشر كتلة الجسم 30 أو أكثر، ومتوسط عمر 38 عاماً.
انخفضت مستويات هرمون الغريلين لدى المشاركات بنحو 45% (من 460 بيكوغراماً لكل مليلتر إلى 250 بيكوغراماً تقريباً) بسبب انخفاض عدد الخلايا المفرزة له، وفقدن نحو 8% من وزنهن (نحو 8 كيلوغرامات) على مدى ستة أشهر، وهذا أقل مما يفقده المرضى عادةً من جراحة السمنة أو تناول الأدوية المضادة للسمنة، لكنه مقدار كافٍ لإحداث فرق ملحوظ في الصحة العامة، والاضطرابات المرافقة للسمنة مثل ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول والسكري.
ونظراً لأن الدراسة تابعت المرضى مدة ستة أشهر فقط، فمن غير الواضح إلى متى ستستمر نتائج الإجراء، وما إذا كانت الخلايا المنتجة للغريلين ستنمو مرة أخرى. لكن تشكّل الأنسجة الندبية مع شفاء الأنسجة المحروقة، يجعل منطقة المعدة المحروقة أقل تمدداً وأقل توسعاً وأكثر صلابة، فيشعر المرضى بالشبع عند تناولهم كمية أقل من الطعام.
على الرغم من ذلك، تُعدُّ هذه التقنية علاجاً محتملاً قائماً بذاته للسمنة، خاصة للأشخاص الذين يتناولون أدوية خفض الوزن، ويعاودون اكتسابه مرة أخرى بعد التوقف عن تناول الأدوية، كما يمكن الجمع بينها وبين جراحات السمنة الأخرى مثل تكميم المعدة بالمنظار، ما قد يؤدي إلى المستويات الجراحية من فقدان الوزن دون الحاجة إلى وقت تعافٍ أطول.
اقرأ أيضاً: هل ينافس الدواء الجديد ماريتايد عقار أوزمبيك وغيره من أدوية تخفيض الوزن؟
يحتاج هذا الإجراء إلى تجارب أكثر صرامة قبل التأكد من أنه آمن وفعّال لفقدان الوزن، والتأكد أيضاً من قدرته على الحفاظ على الوزن على المدى الطويل هو الاعتبار الأسمى في أي مناقشة للتدخل في فقدان الوزن. يُعدُّ تقييم نتائج الإجراء على المدى الطويل أمراً بالغ الأهمية لفهم فاعليته واستدامته بشكلٍ كامل.