دراسة جديدة تكشف الآليات والجينات وراء قدرة بعض أنواع الفطور على افتراس الديدان

2 دقيقة
دراسة جديدة تكشف الآليات والجينات وراء قدرة بعض أنواع الفطور على افتراس الديدان
دودة أسطوانية تعيش في مياه البُرك بين البكتيريا الزرقاء. تلتقط الفطريات الآكلة اللحوم هذه الديدان الصغيرة أحياناً وتتغذّى عليها. غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إذا كانت الديدان الأسطوانية تعاني الكوابيس، فقد تحلم بأن تلتهمها الفطور اللاحمة التي تحمل اسم أرثروبوترس أوليغوسبورا (Arthrobotrys oligospora) حيّة. تستطيع هذه الفطور وضع المصائد اللزجة لالتقاط هذه الديدان. هذا النوع من الفطور هو واحد من 700 نوع معروف من الفطور اللاحمة. ووُصفت مكتشفات جديدة حول العمليات الأساسية وراء عادات التغذّي الفريدة التي يتمتّع بها هذا الفطر في دراسة نشرت بتاريخ 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 في مجلة الوصول المفتوح بلوس بايولوجي (PLoS Biology).

الديدان كمصدر للغذاء للفطور اللاحمة

الديدان الأسطوانية ليست مصدر الغذاء الرئيسي لفطر أرثروبوترس أوليغوسبورا؛ إذ يحصل هذا الفطر عادة على المغذّيات من المواد العضوية المتحللة. يمكن أن يدفع كل من الجوع الشديد ووجود الديدان القريبة هذا الفطر وغيره من الفطور إلى وضع مصائد لالتقاط الديدان والتهامها. يستخدم نوع آخر من الفطريات اللاحمة يحمل اسم الفطر المحاري الشائع (Pleurotus ostreatus) غاز الأعصاب لصيد الديدان الأسطوانية.

لكن فطر أرثروبوترس أوليغوسبورا يتبع نهجاً مختلفاً؛ إذ إنه يستخدم عموماً إفرازات لزجة لتثبيت الديدان قبل التهامها. وصفت الدراسات السابقة بعض العمليات البيولوجية والسمات الجينية المسؤولة عن علاقة المفترس والفريسة التي يشكّلها هذا الفطر، لكن الحقائق الجزيئية لهذه العملية ما تزال غير واضحة عموماً.

تقول عالمة البيولوجيا الجزيئية والمؤلفة المشاركة للدراسة الجديدة، ين بينغ شيه لبوبساي: “أعتقد أنه من المثير للاهتمام أن نأخذ في الاعتبار أن هناك مفترسات دقيقة مثل فطر أرثروبوترس أوليغوسبورا تعيش تحت أقدامنا في التربة وتطور باستمرار آليات جديدة لصيد فرائسها من الديدان الأسطوانية والتقاطها والتهامها، وأن هذه الفطريات اللاحمة والديدان الأسطوانية منخرطة في سباق تسلّح مستمر”.

اقرأ أيضاً: ظاهرة تحدث لأول مرة: العثور على دودة طفيلية حية في دماغ امرأة أسترالية

الآليات التي تقف وراء سلوط الافتراس لدى الفطر

صممت شيه إلى جانب فريق من أكاديمية أكاديميا سينيكا الوطنية في مدينة تايبيه التايوانية سلسلة من التجارب المخبرية لتحديد الجينات والعمليات البيولوجية وراء سلوك الافتراس الذي يتبعه هذا الفطر لصيد نوع من الديدان الأسطوانية يحمل اسم الربداء الرشيقة (Caenorhabditis elegans).

استخدم الباحثون تقنية تحمل اسم سلسلة الحمض النووي الريبي (RNAseq) لمراقبة مستوى النشاط في الجينات الفطرية المختلفة في نقاط زمنية مختلفة. عندما يستشعر فطر أرثروبوترس أوليغوسبورا وجود دودة، يزداد نشاط وظيفتين منفصلتين هما نسخ الحمض النووي وتركيب الريبوسومات. هذه هي البُنى التي تركّب البروتينات في الخلايا. بعد ذلك، يزداد نشاط العديد من الجينات التي تشفر البروتينات التي تساعد الفطر على وضع المصائد واستخدامها على الأرجح. تشمل هذه المصائد البروتينات المُفرَزة اللاصقة للديدان، وعائلة من البروتينات اكتشفها الفريق أول مرة.

المصائد التي يضعها فطر أرثروبوترس أوليغوسبورا لالتقاط الديدان الأسطوانية التي تظهر باللون الأخضر اللامع. حقوق الصورة: هونغ-تشيه لين.
المصائد التي يضعها فطر أرثروبوترس أوليغوسبورا لالتقاط الديدان الأسطوانية التي تظهر باللون الأخضر اللامع. حقوق الصورة: هونغ-تشيه لين.

تقول شيه: “الاكتشاف الأكثر إثارة للدهشة هو التوسع والتنويع الكبيران في عائلة الجينات دي يو إف 3129 في فطر أرثروبوترس أوليغوسبورا مقارنة بالفطريات الأخرى. أطلقنا على جينات هذه العائلة اسم ‘بروتينات المصيدة المحسنة’ لأنها تتمركز في المصائد الفطرية وتسهم في التصاق الفرائس بالمصائد والتقاط الديدان الأسطوانية”.

يزداد أيضاً نشاط الجينات التي تشفّر مجموعة متنوعة من الإنزيمات تحمل سمى البروتيازات بعد أن يُدخل فطر أرثروبوترس أوليغوسبورا بنى خيطية تحمل اسم الخيوط الفطرية في الدودة لهضمها. ويزداد نشاط مجموعة تحمل اسم البروتيازات المعدنية أكثر، وهي إنزيمات تفكك البروتينات الأخرى. يعتقد الفريق أن هذا يشير إلى أن فطر أرثروبوترس أوليغوسبورا يستخدم هذه البروتيازات لهضم الديدان مثل الديدان الأسطوانية.

اقرأ أيضاً: هل يمكن استخدام الفطور التي تتغذى على الحشرات في مقاومة الفيروسات؟

يمكن أن تمثّل هذه الدراسة أساساً لإجراء المزيد من الأبحاث حول علاقات المفترس والفريسة الفطرية الأخرى والآليات التي يتبعها فطر أرثروبوترس أوليغوسبورا للتغذّي على هذه الديدان.

تقول شيه: “ما علينا فعله الآن هو إجراء المزيد من الأبحاث حول الوظائف الجزيئية المسؤولة عن التصاق الديدان الأسطوانية بالمصائد. التقاط هذه المصائد للديدان الأسطوانية في وقت قصير مثير للدهشة، وكذلك حقيقة أن هذه المصائد تتمتّع بقوة لصق شديدة بما يكفي لمنع الديدان من الهروب غالباً”.