كيف يخفّض الصيام الإصابة بالأمراض المزمنة؟ دراسة حديثة تجيب

3 دقيقة
كيف يخفّض الصيام الإصابة بالأمراض المزمنة؟ دراسة حديثة تجيب
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Baramyou0708
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لتحديد تأثير الصيام المتقطع في الأمراض المزمنة، درس باحثون من جامعة إمبريال كوليدج لندن (Imperial College London)، بالتعاون مع مركز “لين بيزنس سيرفيسيز” للخدمات الصحية (Lean Business Services) في المملكة العربية السعودية، تأثير صيام شهر رمضان في المستقلبات، أي نواتج التمثيل الغذائي، واستنتجوا أن صيام رمضان يقلل على نحو كبير من مخاطر الإصابة بسرطان الرئة والقولون والمستقيم والثدي. فهل يمكن لمرضى الأمراض المزمنة صيام شهر رمضان؟

حول الدراسة

شملت الدراسة التي نُشِرت في المجلة الأميركية للتغذية السريرية (The American Journal of Clinical Nutrition) 72 مشاركاً فوق 18 عاماً من دراسة لندن الرمضانية (LORANS)، وهي مجموعة مراقبة مكونة من 140 مسلماً يتابعون صيام رمضان سنوياً.

قدّم المشاركون عينتي دم قبل وقتٍ قصير من صيام رمضان وبعده، بحيث لا يقل عدد أيام الصيام عن 20 يوماً، مع استبعاد الحوامل من الدراسة، ثم سجّل الباحثون التغيرات الأيضية بعد صيام رمضان، بالإضافة إلى بيانات مثل التغيرات الديموغرافية والسجلات الطبية، بما في ذلك ضغط الدم، وتكوين الجسم في أثناء جمع الدم مثل وزن الدهون أو كتلة العضلات.

أرسل الباحثون عينات الدم بعد فصل البلازما وعزلها للتحليل الطيفي بالرنين المغناطيسي النووي العالي الإنتاجية (NMR) في منصة نايتينغيل هيلث المختصة في مجال التكنولوجيا الحيوية (Nightingale Health Ltd.)، واستخدم فريق البحث نماذج التأثيرات المختلطة الخطية لمقارنة قراءات الرنين المغناطيسي النووي من عينات الدم المقدمة قبل الصيام وبعده، بما يسمح بمقارنة نتائج التغيرات الأيضية للصيام، ثم استخدموا قراءات المستقلبات الأيضية من مجموعة بيانات البنك الحيوي في المملكة المتحدة لحساب خطر إصابة المشاركين في الدراسة بأمراض مزمنة شائعة، بما في ذلك السرطان واضطرابات القلب والأوعية الدموية.

وفي خطوة تالية، طبق الباحثون القيم على قراءات الرنين المغناطيسي النووي في الدراسة، لتحديد التغير النسبي في خطر الأمراض المزمنة بعد صيام رمضان، وبالتالي بعد الصيام المتقطع والمقيّد.

اقرأ أيضاً: 5 نصائح لاتباع الصيام المتقطع في رمضان

نتائج الدراسة

بيّنت الدراسة أن المشاركين فقدوا وسطياً نحو 11% من دهون الجسم، و1.6 كيلوغرام من وزن الجسم، خلال الفترة الفاصلة ما بين تقديم عينات الدم الأولى والثانية.

وبالنسبة للمستقلبات الأيضية، لاحظ الباحثون أنه من بين 169 مستقلباً تم قياسه، أدّى صيام رمضان إلى تغيرات في 14 مستقلباً مختلفاً، منها:

  • علامة التهاب واحدة، ما يشير إلى احتمالية انخفاض الالتهاب.
  • حمض أميني واحد.
  • 2 من المستقلبات المرتبطة بتحلل السكر.
  • 2 من الدهون الثلاثية.
  • 2 من الأجسام الكيتونية.
  • 6 فئات فرعية من البروتين الدهني.

والأهم من ذلك أن هذه التغييرات حدثت على نحو مستقل عن أي تغييرات في تكوين الجسم.

اقرأ أيضاً: لا تهمل جسدك: نصائح من أجل تنظيم نومك في رمضان

كما كان الانخفاض أكثر وضوحاً في اللاكتات والأسيتات والتيروزين والأسيتون قبل شهر رمضان وبعده.

وفي مقارنة درجات التمثيل الغذائي لمختلف الأمراض المزمنة مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم ومرض الشريان التاجي والفشل الكلوي وسرطان القولون والمستقيم وسرطان الثدي وسرطان الرئة، قبل صيام رمضان وبعده، وجد الباحثون انخفاضاً كبيراً في درجات التمثيل الغذائي لكلٍّ من:

  • سرطان الرئة: انخفض بنسبة 9.6%.
  • سرطان القولون والمستقيم: انخفض بنسبة 2.4%.
  • سرطان الثدي: انخفض النتيجة بنسبة 1.1%.

في حين لم يجدوا تغيرات قابلة للقياس على خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وتشير النتائج إلى تأثير وقائي محتمل لصيام رمضان ضد هذه السرطانات المحددة.

اقرأ أيضاً: نصائح للمصابين بأمراض مزمنة لصيام شهر رمضان

دراسات سابقة لتأثير الصيام في الأمراض المزمنة

يمكن أن يكون للصيام خلال شهر رمضان تأثيرات مختلفة على الأفراد المصابين بالأمراض المزمنة:

  • مرض القلب: أفادت دراسة سابقة نُشِرت في المجلة البريطانية للتغذية (British Journal of Nutrition) بأن صيام رمضان يقلل من خطر تطور البدانة والمتلازمة الاستقلابية اللذين يعتبران من أبرز عوامل الخطر في الأمراض القلبية الوعائية، ويرتبط بزيادة مرونة الشرايين وتقليل خطر الإصابة بالتصلب العصيدي، وبذلك ينخفض معدل الإصابة بأمراض الشريان التاجي عند الذين يصومون. كما يُحسّن الصيام من حساسية الجسم لهرمون الإنسولين وبذلك يقلل من حدوث ظاهرة “مقاومة الإنسولين”، والتي تعتبر بدورها أحد أهم الأسباب التي ترفع من مستوى العوامل الالتهابية في الجسم.
  • أمراض الكليتين: وفقاً للدراسة المنشورة في دورية حوليات التغذية والتمثيل الغذائي (Annals of Nutrition & Metabolism)، قد يكون الصيام مدة 6 – 8 ساعات جيداً للأفراد الذين يعانون أمراض الكلى، ولكن ليس لمَن يحتاج إلى غسيل الكلى. عامة لا ينصح الأطباء بصيام مرضى الكلى المزمن (CKD) فترات طويلة مثل شهر رمضان بأكمله، لأنهم قد يتعرضون لخلل في توازن الشوارد وتدهور وظائف الكلى.
  • مرضى السكري: أثبتت دراسة نُشِرت في دورية بحوث السكري والممارسة السريرية (Diabetes Research and Clinical Practice)، أن لصيام شهر رمضان بعض الآثار الجسدية على الجسم، وتشمل:
    • نقص السكر في الدم، وخاصة في نهاية النهار ومع اقتراب الصيام من نهايته قبل وجبة الإفطار.
    • ارتفاع السكر في الدم بشكل حاد بعد كل وجبة من الوجبات الرئيسية (الإفطار والسحور).
    • الجفاف، خاصة في السنوات التي تطول فيها ساعات الصيام والبلدان ذات المناخ الحار.

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة: هذا الصيام يخفض خطر الإصابة بالسكري

إذاً، قد يكون صيام شهر رمضان وسيلة طبيعية وفعّالة للأشخاص الأصحاء لتنظيف أجسامهم من السموم الضارة التي قد تكون موجودة في رواسب الدهون، إلّا أن الأطباء في كليفلاند كلينك أبوظبي ينصحون الأفراد الذين يعانون أمراضاً مزمنة بطلب المشورة من أطبائهم قبل اتخاذ قرار بالصيام خلال شهر رمضان.