دليلك الشامل للتعرّف إلى داء تراكم النحاس المعروف بـ «داء ويلسون»

3 دقيقة
دليلك الشامل للتعرّف إلى داء تراكم النحاس المعروف بـ «داء ويلسون»
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Kateryna Kon

تتطلب الصحة الجيدة للجسم المعادن، وأحد هذه المعادن هو النحاس، حيث يُحافظ على صحة الخلايا العصبية ويُقوي الإشارات العصبية، كما أنه يُعزز إنتاج الكولاجين وتأخير الشيخوخة ويُحسّن صحة الجهاز المناعي ويُقوي العظام والمفاصل ليقي بذلك الجسم من الإصابة بهشاشة العظام

ومع ذلك، نتعامل مع النحاس كسلاح ذي حدين، فعلى الرغم من الفوائد العديدة لهذا المعدن، فإن لزيادة مستوياته في الجسم عواقب وخيمة. وهذا ما يحدث في "داء ويلسون" الوراثي الذي يؤدي إلى ارتفاع مستويات النحاس في الدم، متسبباً بحدوث تلف في الأعضاء الحيوية.

اقرأ أيضاً: ما تأثير صيام رمضان في مستويات الكوليسترول؟

داء ويلسون وراثي الطبيعة

يحدث داء ويلسون نتيجة وجود طفرة في جين (ATP7B)، حيث ينتقل هذا الجين المتحور من الوالدين إلى الطفل. ولكن للإصابة بالداء ينبغي أن يرث الطفل الطفرتين الجينيتين من الأم والأب، فوراثة هذا الجين متنحية ولا تظهر الأعراض إلّا عند اجتماع الطفرتين.

من جهةٍ أخرى، يعتبر الأشخاص الذين يحملون طفرة جينية وحيدة حاملين للمرض، وهذا يعني أنه يمكنهم نقل الطفرة الجينية إلى أولادهم، والسيناريو الأسوأ أن تتزوج سيدة حاملة للمرض أو مصابة به بذكر حامل أو مصاب، لأن هذا سيضاعف احتمال إصابة أطفالهم.

أعراض داء ويلسون تختلف من شخص لآخر

بما أن داء ويلسون وراثي الطبيعة فهو موجود منذ الولادة، ولكن هذا لا يعني أن الأعراض ستظهر منذ الولادة، فالأعراض لا تظهر حتى ترتفع مستويات النحاس وتترسب في الأعضاء الحيوية. علاوةً على ذلك، تتباين الأعراض الأولية بشكلٍ كبير بناءً على العضو المصاب، فإذا ترسب النحاس في الكبد أولاً ستكون التظاهرات كبدية والأمر ذاته إذا ترسب أولاً في العينين.

الأعراض الكبدية

يُطلق الكبد النحاس عادةً في الصفراء، حيث تحمل الصفراء النحاس بالإضافة إلى السموم والفضلات الأخرى إلى خارج الجسم عبر الجهاز الهضمي. ويفشل الكبد في داء ويلسون بطرح الكميات الفائضة من النحاس ما يؤدي لتراكمها. تعتبر الأعراض الكبدية الأكثر شيوعاً بين مرضى داء ويلسون وعادةً ما تشكّل الأعراض الأولى، حيث يظهر على المصابين أعراض التهاب الكبد كما يمكن أن يصابوا بانخفاض مفاجئ بوظائف الكبد. وتشمل أعراض ذلك كلَّ ما يلي:

  • تعب ووهن.
  • غثيان وقيء.
  • نفخة البطن.
  • ضعف في الشهية.
  • الشعور بألم أعلى الكبد في الجزء العلوي من البطن.
  • اغمقاق لون البول.
  • لون البراز فاتح.
  • ظهور لون يرقاني في العينين والجلد.

وإذا ساءت الحالة وظهرت بعض المضاعفات كتليف الكبد والفشل الكبدي عندئذ تتلخص التظاهرات بما يلي:

  • الضعف البدني.
  • فقدان الوزن غير المقصود.
  • الانتفاخ الناتج عن تراكم السوائل في البطن والذي يُعرف بـ "استسقاء البطن".
  • حدوث وذمة وتورم أسفل الساقين أو الكاحلين أو القدمين.
  • حكة الجلد.
  • ظهور لون يرقاني شديد.

اقرأ أيضاً: إليك كيف يؤثّر صيام شهر رمضان يوماً بيومٍ في جسمك

أعراض الجهاز العصبي المركزي

أهم الأعراض العصبية لداء ويلسون التي توجّه إلى أن النحاس بدأ يترسب في الدماغ هي:

  • اضطراب في الصحة النفسية كالقلق وتغير المزاج وتبدل الشخصية والسلوك.
  • الاكتئاب واضطراب المشاعر والأفكار.
  • الذهان العصبي وفيه يصعب على الشخص التمييز بين ما هو حقيقي وما هو وهمي.
  • اضطراب في الكلام أو البلع.
  • ضعف التنسيق الجسدي.
  • صلابة العضلات.
  • الرعاش أو حدوث رجفان وحركات غير مضبوطة. 

الأعراض العينية

الأعراض العينية لداء ويلسون مميزة، وتشمل أحد أهم الأعراض النوعية لهذا الداء وهي ظهور "حلقة كايزر فليشر". هذه الحلقة تظهر نتيجة تراكم النحاس حول حافة القرنية وفي القزحية مُسببةً ظهور حلقات خضراء أو ذهبية أو بنية اللون، والتي تُرى في أثناء فحص العين بواسطة المصباح الشقي.

من جهةٍ أخرى، يمكن أن يؤثّر داء ويلسون في أعضاء أخرى من الجسم كالدم مُسبباً فقر الدم الانحلالي، أو العظام والمفاصل مُسبباً أمراض هشاشة عظمية وأمراض المفاصل. علاوةً على ذلك، قد يتسبب داء ويلسون بحدوث اعتلال العضلة القلبية عندما يترسب النحاس في نسيج القلب، أو حصيات كلوية وحالة من الحماض الأنبوبي الكلوي إذا تراكم في النسيج الكلوي.

ما الاختبارات التي تُشخِّص داء ويلسون؟

إلى جانب الأعراض الجسدية، يُشخَّص داء ويلسون باستخدام مجموعة من الاختبارات، من أبرزها:

  • اختبارات الدم: كمعايرة السيرولوبلازمين وهو البروتين الذي ينقل النحاس في مجرى الدم وعادةً ما يكون منخفضاً عند مرضى داء ويلسون. يُبحث أيضاً عن ناقلات الأمين ألانين (ALT) والأمين أسبارتات (AST) حيث تكون هذه الإنزيمات الكبدية مرتفعة عند حدوث تلف في الكبد.
  • اختبارات البول: لمعايرة النحاس الذي يُطرح في البول خلال 24 ساعة.
  • الاختبارات الجينية: للبحث عن الطفرة الجينية.
  • الخزعة الكبدية: لدراسة شدة ترسب النحاس في خلايا الكبد.

اقرأ أيضاً: وراء السبب وراء ازدياد حدوث النوب القلبية بين الشباب؟

كيف يُعالَج داء ويلسون؟

يركّز علاج داء ويلسون على خفض مستوى النحاس السام في الدم لمنع تلف الأعضاء، وينبغي على المريض أن يعي أن حالته مزمنة وتتطلب الالتزام بالعلاج مدى الحياة. يتضمن الثالوث العلاجي لتدبير داء ويلسون كلَّ ما يلي:

  1. تناول الأدوية التي تزيل النحاس من الجسم: والتي تُدعى بالعوامل المخلبية لأنها ترتبط بالنحاس الموجود في الدم وتساعد على طرحه، ومن هذه الأدوية نذكر د-بنسيلامين ورباعي الثيوموليبدات.
  2. تناول مكملات الزنك: حيث يمنع الزنك الأمعاء من امتصاص النحاس.
  3. اتباع نظام غذائي منخفض النحاس: يوصي مقدمو الرعاية الصحية مرضى داء ويلسون بتجنب بعض الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من النحاس مثل المحار والكبد والشوكولاتة والفواكه المجففة والفاصولياء والبازلاء المجففة، بالإضافة إلى الفطر والمكسرات. 

المحتوى محمي