هل يمكن علاج السرطان بالطب البديل والعلاج العشبي دون الحاجة إلى العلاج المعتمد؟ الدكتورة ملاك الثقفي توضّح

5 دقيقة
هل يمكن علاج السرطان بالطب البديل والعلاج العشبي دون الحاجة إلى العلاج المعتمد؟ الدكتورة ملاك الثقفي توضّح
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تعديل: مهدي أفشكو.

ملخص: يلجأ الكثير من الناس إلى الطب الشعبي والبديل عوضاً عن الطب المعتمد رسمياً لعلاج السرطان، والسبب في ذلك قد يكون الكلفة المنخفضة لهذا النوع من العلاجات، والاعتقاد بعدم الحاجة لأخذ الأدوية المكلفة والعلاج الكيميائي والإشعاعي المؤلم، ومهارات الإقناع التي يمتلكها من يقدمون هذه العلاجات. لكن غالباً ما يسبب الطب الشعبي أضراراً تفوق فوائده، إذ يتفاقم انتشار السرطان ويصبح من الصعب علاجه في مراحله المتقدمة، ولا يدرك المرضى ذلك إلا بعد فوات الأوان. وحتى إن كانت هناك دراسات حول فاعلية هذه العلاجات الشعبية، فهذا لا يعني صحتها، بسبب سهولة نشر الدراسات بوجود الذكاء الاصطناعي، ووجود الكثير من المجلات التي كانت ولا تزال تنشر الأبحاث بغض النظر عن منهجيتها بهدف الربح وجذب القراء. ويجدر بالذكر أن هناك العديد من العلاجات في الطب البديل التي أثبتت أنها مهمة لتعزيز المناعة، لكن يجب إبلاغ الطبيب بأي علاج شعبي تم تناوله. هذا ما تذكره الدكتورة ملاك الثقفي، خبيرة الأورام والجينات من جامعة إيموري الأميركية. 

تروي الأستاذة الدكتورة ملاك الثقفي الخبيرة في مجال علم الأورام ورئيسة قسم علم الأمراض العصبية ومديرة برنامج الزمالة في كلية الطب في جامعة إيموري الأميركية، بعض الحوادث التي كانت كارثية للأشخاص الذين أهملوا تلقي علاج السرطان المعتَمد طبياً ولجؤوا للعلاج الشعبي والبديل، وتذكر في مقابلة خاصة معها عدة نقاط من المهم معرفتها حول علاج السرطان للحصول على أفضل النتائج.

اقرأ أيضاً: هل وجود تاريخ عائلي للإصابة بالسرطان يعني حتماً الإصابة به؟ الإجابة من الدكتورة ملاك الثقفي

هل الطب البديل والعلاج الشعبي يشكّلان علاجات كافية وفعّالة للسرطان تغني عن العلاج المعتمد؟

مع احترامي للطب الشعبي والطب البديل، لكن لا توجد دراسات محكمة أو علمية تؤكد أنه يمكن استخدامهما وحدهما علاجاً للسرطان، لكن يمكن استخدامهما بالترافق مع العلاج الأساسي بعد مراجعة الطبيب بالموضوع، لكن أنا ضد الكلام الذي يقول إن هذين النوعين من العلاجات كافيان ويغنيان عن العلاج المعتمد. رأينا الكثير من الكوارث الصحية الناتجة عن هذا الموضوع، ولا توجد للأسف في بلداننا العربية قوانين واضحة لمعاقبة المتسببين بهذا الإهمال، لأن هناك الكثير من الأشخاص الذين يقدّمون هذه الخدمات ويطلبون من بعض المرضى المصابين بالسرطان التوقف عن العلاج المعتمد واستخدام علاجهم فقط، وهذا يسبب تدهوراً في الحالات وتفاقماً للأورام التي كان من الممكن أن يتم شفاؤها بنسبة جيدة من خلال الطرق المعتمدة.

وحتى إن وُجدت دراسات حول فاعلية هذه العلاجات الشعبية، فهذا لا يعني صحتها، إذ كما سبق وقلت أصبح نشر الدراسات بوجود الذكاء الاصطناعي سهلاً، وهناك الكثير من المجلات التي كانت ولا تزال تنشر الأبحاث بغض النظر عن منهجيتها بهدف الربح وجذب القراء. طبعاً، هناك العديد من العلاجات في الطب البديل التي أثبتت أنها مهمة لتعزيز المناعة أو غيرها بالإضافة للعلاج المعتمد، لكن هناك علاجات أثبتت ضررها، إذ ليس لها أي فائدة حقيقة وأدت إلى وفاة الأشخاص الذين يتبعونها.

أي تدخل بعلاج بديل أو علاج شعبي يجب أن يتم إعلام فريق العلاج به، لأنه أحياناً يحصل اختلاط وتضارب بفاعلية المكونات، وأود التوضيح بأن الطبيب ليس لديه أي مصلحة أن تأخذ العلاج الشعبي والبديل أو لا تأخذه، ولكن رحلة علاج السرطان صعبة، ويجب أن يكون هناك اتفاق على الطريقة التي سنسير بها لكي نتخطى هذه المرحلة.

كيف يمكن شرح آلية حدوث السرطان وعلاجه لطفل في السادسة من عمره؟

للأسف، يُصيب السرطان الأطفال، ويُعدّ سرطان الدماغ خصوصاً السبب الأول لموت الأطفال بسبب السرطان. يشكّل المرض قلقاً على العائلة والأطفال، لكن يجب أن نشرح للطفل كيف يحدث السرطان، فنقول إنه يكبر وتنمو الخلايا معه، لكن أحياناً تنمو الخلايا التي تكبر بشكلٍ خاطئ بها خلل، وهذا الخلل يؤدي إلى إصابتك بورم أو إصابة أحد الوالدين بالورم، لأن الجسم لم يقم بإصلاح الخلل، وهذه الحالة تُدعى ورماً ومن الممكن أن نعالجه.

المهم أن تقول للطفل إنه يوجد خلل في نمو الخلايا لكن يمكن علاجه عن طريق استئصال هذا الورم والقيام بعملية جراحية، وبعد أن نزيله نعطيك علاجاً للخلل يمكن أن يكون علاجاً كيميائياً أو مناعياً وغيره لقتل الخلايا التي نمت بسبب حدوث الخلل.

بالطبع، تُعدّ هذه الحالة صعبة، وهناك الكثير من الجمعيات في العالم العربي وبعض المنظمات غير الربحية التي توصل فكرة الورم والعلاج للأطفال من خلال رسومات بسيطة يشرف عليها أخصائي، توضح كيف نُدخل إبرة العلاج الكيميائي بلغة بسيطة للأطفال، وأتمنى وجود مبادرات أكثر في العالم العربي خصوصاً في مستشفيات الأطفال الذين يعانون أمراضاً مزمنة وخطيرة مثل السرطان وزراعة الأعضاء وغسل الكلى أو أمراض القلب لتبسيط حالتهم المرضية وشرحها، وتوفير أخصائي نفسي يشرح لهم بطريقة ورسومات مبسطة عن المرض والمصابين به.

اقرأ أيضاً: هل هناك عادات عربية تزيد خطر الإصابة بالسرطان وفقاً للدكتورة ملاك الثقفي؟

لماذا يقال في بعض الحالات إن هذا النوع من السرطان في مراحل متقدمة ولا يمكن علاجه؟ هل هذا ما يحدث بالفعل أم أن احتمال علاجه ضعيف؟

من أهم عوامل علاج السرطان والشفاء منه اكتشافه في مراحل متقدمة، لكن هذا لا يعني أنه لا توجد علاجات للسرطان عند اكتشافه في مراحل متأخرة، فهناك علاجات عديدة لكن الفرص تكون أفضل للشفاء التام عند اكتشافه في المراحل المبكرة.

لذا من المهم السعي للكشف المبكر والذهاب للطبيب في حال الشعور بوجود مشكلة، فالعلاج المبكر يرتبط بنسبة شفاء أعلى، ومع ذلك هناك أورام تبدأ بمراحل متأخرة مثل الورم الأرومي الدبقي (Glioblastoma)، وهو نوع من السرطان يبدأ كنمو للخلايا في الدماغ أو النخاع الشوكي، ويبدأ من المرحلة الرابعة للسرطان أي لا يوجد له تدرج في المراحل للأسف، لكن هذه تشكّل نسبة نادرة من الأورام وليس الأغلبية ويجب النظر لكل حالة بمفردها كما ذكرت في الطب الشخصي. هناك دائماً فرصة للشفاء، رأيت مريضاً عمره 92 سنة بالولايات المتحدة يجري عملية في الدماغ لاستئصال نوع معين من أورام الدماغ، وحالياً صحته العامة ممتازة، وبالوقت ذاته هناك مرضى أصغر بالعمر لكنهم يعانون السمنة المفرطة وأمراضاً بالقلب والضغط والسكري ويدخنون وعمرهم 40 و50 لا تنجح عملياتهم وتحدث بها مشكلات.

لهذا ندعوه طباً شخصياً، إذ لا نقدر أن نفصل الورم عن المريض، ويجب معرفة نوع العلاج المناسب لهذا الورم وفقاً لحالة المريض بشكل عام.

هل يوجد علاج موحد لأنواع السرطان كلّها تحتكره شركات الأدوية كما تنصُّ نظرية مؤامرة بيغ فارما؟

لا يوجد علاج موحد لأنواع السرطان كلها، لأن السرطان كلمة واسعة، وحتى وجود السرطان في الثدي أو في القولون أو في الدماغ لا يعني أن هذا نوع محدد، فمثلاً في الدماغ يوجد أكثر من 130 نوعاً من السرطانات المختلفة بشكل مجهري، وبالتحليل الجيني يمكن أن يصل عدد التصنيفات إلى مئات الأنواع. بالتأكيد، توجد بروتوكولات من العلاج الكيميائي أو الإشعاعي يمكن أن نستخدمها في عدة أورام تم اعتمادها بناءً على دراسات إكلينيكية والطب المبني على البراهين، لكن الطب يتوجه أكثر لنوع العلاج الموجَّه والشخصي، وهو علاج مصمَّم وفقاً لوجود طفرة معينة في جين معين، ومع ذلك يمكن أن يعتبر علاجاً موحداً لأنواع السرطان التي تتميز بطفرة معينة أو عامل مشترك واحد.

مثلاً وجدنا طريقة لعلاج الأورام الناتجة عن طفرات في جين يُسمَّى "انتارك" (NTRK) الذي عملنا عليه قبل عدة سنوات، وأعتقد أن وسائل الإعلام أعلنت أننا وجدنا علاجاً شاملاً لأنواع السرطان كلها. هذا الخبر صحيح نسبياً، إذا كان السرطان يحمل هذه الطفرة، لكن هذه طفرة نادرة وموجودة فقط في 1-2% من السرطانات عموماً، لكن يمكن استخدام هذا العلاج للسرطانات كلها التي تحمل هذه الطفرة.

اقرأ أيضاً: مقابلة حصرية مع الدكتورة ملاك الثقفي الخبيرة العالمية بمجال الأورام حول الخرافات الشائعة عن السرطان

يمكن استخدام العلاج المناعي لعدة أنواع أورام حسب وجود ما نسميه "حمل الطفرات الورمي" (Tumor Mutation Burden)، أي كلما زاد عدد الطفرات في مقياس معين، يمكن أن نستخدم العلاج المناعي، مثلاً في الغرب سرطان الجلد الميلانوما شائع، لكن عند العرب يُعدّ نادراً، وهو من أهم الأنواع المعروفة بوجود عدد كبير من الطفرات، ما يستدعي استخدام العلاج المناعي. ويمكن استخدام العلاج المناعي لسرطانات مثل القولون وغيرها وعند وجود خلل في فاعلية إصلاح الجينات، لكن هذا النوع من العلاجات يتم استخدامه في عدة أورام لكن ليس الأورام كلها، إذ يجب توفر معايير معينة أو خلل معين أو تزايد طفرات معينة لاستخدامه.