مخاوف بعد سحب لقاح «أسترازينيكا»: كيف نحافظ على ثقتنا باللقاحات الحديثة؟

5 دقيقة
مخاوف بعد سحب لقاح «أسترازينيكا»: كيف نحافظ على ثقتنا باللقاحات الحديثة؟
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: مهدي أفشكو.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أعلنت شركة أسترازينيكا في 7 مايو/أيار سحب لقاحها ضد فيروس كورونا المعرف بـ "فاكسزيفريا" من أنحاء العالم جميعها لأسباب تجارية، بحسب الشركة.

يأتي ذلك القرار بعد إقرار أسترازينيكا للمرة الأولى بوجود صلة بين حدوث متلازمة تجلط الدم مع متلازمة نقص الصفائح الدموية واللقاح، وذلك في وثائق المحكمة العليا المتعلقة بدعوى قضائية جماعية في المملكة المتحدة لأشخاص قالوا إنهم ضحايا آثار جانبية تسببت في أضرار بالغة ووفيات لدى بعض ذويهم، مثلما ذكرت صحيفة التلغراف.

تصر الشركة على أن قرار سحب اللقاح لا يرتبط بالدعوى القضائية أو باعترافها بوجود صلة بين اللقاح والآثار الجانبية المذكورة، وتؤكد أن توقيت قرار السحب مجرد مصادفة، وأنها: "فخورة للغاية بالدور الذي أداه اللقاح في إنهاء الوباء العالمي. فوفقاً لتقديرات مستقلة؛ أُنقِذت حيوات أكثر من 6.5 مليون شخص في السنة الأولى من الاستخدام فقط، ووُفر أكثر من 3 مليارات جرعة على مستوى العالم".

أثار هذا القرار ردات فعل مختلفة؛ بعضُها عكس قلق متلقي لقاح أسترازينيكا تحديداً، وبعضها الآخر يتعلق بوجود مخاوف حول لقاحات كوفيد-19 أو خصائص اللقاحات نفسها، وهي مسائل من المرجح أن تُطرح مجدداً في حال ظهور جائحة جديدة في المستقبل.

أوضحت الشركة أن انخفاض الطلب على لقاحات كوفيد-19 نتيجة تراجع الوباء وانتشار اللقاحات المحدثة ذات الفعالية الأكبر ضد المتغيرات الأحدث، أدى إلى انخفاض الطلب على اللقاح.

وكانت وكالة الأدوية الأوروبية قد أعلنت على موقعها الإلكتروني سحب اللقاح من الأسواق الأوروبية؛ أي لم يعد مسموحاً تسويق فاكسزيفريا أو بيعه في دول الاتحاد الأوروبي. في مارس/آذار 2024، سحبت شركة أسترازينيكا طوعاً ترخيصها التسويقي في الاتحاد الأوروبي؛ الذي كان يتيح لها الترويج للقاح.

اقرأ أيضا: دراسة جديدة تكشف ارتباط لقاحات كورونا بحالات اضطراب قلبية

فوائد تفوق المخاطر

طُور لقاح أسترازينيكا بالتعاون مع جامعة أكسفورد، وأنتجه المعهد الهندي للأمصال، ووُزع على نطاق واسع في أكثر من 150 دولة؛ بما فيها بريطانيا والهند. أظهر بعض الدراسات المبكرة فعالية اللقاح بنسبة 60-80% في حماية الأفراد من فيروس كورونا الجديد؛ لكن كشفت أبحاث لاحقة حدوث حالات تجلط دموي نادرة لكن خطِرة لدى بعض متلقي اللقاح في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي خلال الأشهر الأولى من بدء استخدام اللقاح.

في أبريل/نيسان 2021، أصدرت منظمة الصحة العالمية بياناً يؤكد وجود آثار جانبية نادرة الحدوث لكن يمكن أن تكون قاتلة وتتجلى في الإصابة بمتلازمة تجلط الدم مع متلازمة نقص الصفائح الدموية. ووقتها، أشارت الهيئات التنظيمية في المملكة المتحدة إلى ندرة حدوث هذه الآثار التي تصيب شخصاً واحداً من بين 250 ألفاً من متلقي اللقاح. توصلت وكالة الأدوية الأوروبية إلى نتيجة مماثلة؛ حيث أدرجت تجلط الدم بوصفها أثراً جانبياً نادراً؛ لكن كانت الفوائد تفوق المخاطر الإجمالية.

هل يجب أن تقلق إذا تلقيت لقاح أسترازينيكا؟

يقول المتخصص في علم الأوبئة، عبد الكريم أخزيز، إنه لا داعيَ للقلق، فهذه الآثار الجانبية المذكورة لا تحدث إلا في الأسبوعين التاليين للتطعيم فقط؛ أي إذا كان الشخص قد تلقى اللقاح قبل عدة أشهر أو سنة مثلاً، فمن المستحيل أن تظهر هذه الأعراض عليه الآن.

كما أكد عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة وعضو الجمعية العالمية للحساسية، الدكتور مجدي بدران، أن لقاحات كورونا جميعها؛ بما فيها لقاح أسترازينيكا، أدت دوراً حاسماً في إنهاء حالة الطوارئ الصحية العالمية للجائحة والحد من انتشار الفيروس وتحوراته.

وأوضح إن هذه اللقاحات أسهمت على نحو كبير في تقليل مضاعفات الإصابة بفيروس كورونا وخفض تكاليف العلاج وإنقاذ حياة الملايين حول العالم. وعلى الرغم من فعالية أسترازينيكا، فإن تراجع استخدامه يعود إلى ظهور لقاحات أخرى؛ مثل فايزر وموديرنا، تتميز بفعالية أكبر ضد المتحورات الجديدة، مع أعراض جانبية أقل. وشدد بدران على أن سحب أسترازينيكا لا يعني خطورته؛ بل يرجع إلى اقتراب انتهاء صلاحيته وتوفر بدائل أكثر فعالية. وأشار إلى أن تراجع حدة الجائحة وتراجع أعداد الإصابات والوفيات يعود بصفة أساسية إلى نجاح حملات التطعيم عالمياً. وأشاد بدران بالجهود العلمية المبذولة لتطوير لقاحات كورونا في وقت قياسي، مؤكداً إن فوائد هذه اللقاحات تفوق بكثير أي مخاطر محتملة.

ويرى أن اللقاحات التي تستخدم تقنية الحمض النووي الريبي المرسال (mRNA)؛ مثل فايزر وموديرنا، تُعد الخيار الأفضل حالياً لفعاليتها العالية وقدرتها على مواكبة المتحورات الجديدة؛ ما يجعلها ركيزة أساسية في استراتيجيات مكافحة الجائحة على المدى الطويل.

اقرأ أيضاً: ملاحقات قضائية لشركة فايزر إثر أنباء عن تضخيمها فاعلية لقاحها ضد كوفيد

لقاحات كوفيد-19

تعد اللقاحات المُدرجة في قائمة منظمة الصحة العالمية جميعها، فعالة في حماية الأفراد من الإصابة بأمراض شديدة أو الوفاة نتيجة العدوى بفيروس كورونا، وتوجد أنواع مختلفة من لقاحات كوفيد-19؛ كل منها يستخدم تقنية فريدة لكن لتحقيق الهدف نفسه:

  • لقاحات الفيروسات المعطلة أو الموهنة: تستخدم نسخة معطلة أو ضعيفة من فيروس كورونا لا تُمكنها إصابة الجسم؛ لكنها تحفّز الجهاز المناعي لتطوير دفاعات ضد الفيروس؛ ومن أمثلتها لقاحا سينوفارم وسينوفاك الصينيان.
  • اللقاحات المرتكزة على البروتين: تستخدم أجزاء غير ضارة من بروتينات الفيروس، أو أغلفة بروتينية تحاكي فيروس كورونا، لمساعدة الجهاز المناعي على التعرف إلى الفيروس ومهاجمته؛ مثل لقاح نوفافاكس.
  • لقاحات النواقل الفيروسية: تستخدم فيروساً آمناً، يعمل حاملاً لبروتينات فيروس كورونا، لتوليد استجابة مناعية آمنة؛ مثل لقاح أسترازينيكا.
  • لقاحات الحمض النووي الريبي المرسال (mRNA) والحمض النووي المنزوع الأوكسجين (DNA): تستخدم حمضاً نووياً ريبياً مرسالاً أو دنا مهندَساً وراثياً لتوليد بروتينات تحفّز جهاز المناعة بطريقة آمنة. يعد كل من لقاحي فايزر بيو إن تك وموديرنا أمثلة للقاحات الحمض النووي الريبي المرسال.

ما الطريقة للوثوق باللقاحات الحديثة؟

عادةً، تستغرق أبحاث العقاقير سنوات وحتى عقوداً قبل إقرار استخدامها؛ إلا أن سرعة تطوير لقاحات كوفيد-19 أثارت مخاوفَ حول تلقي هذه اللقاحات. ومن الطبيعي أن تكون لديك أسئلة حول لقاح كوفيد-19، وإذا ما كانت تتعلق بالأمان والفعالية وغير ذلك؛ فهي تُظهر اهتمامك باتخاذ القرار الصحيح. 

إلا أن سرعة تطوير هذه اللقاحات ترجع إلى العوامل التالية:

  • البحث والتطوير السريعَين: سمح التعاون العلمي غير المسبوق بإجراء أبحاث سريعة وتطوير لقاحات كوفيد-19 خلال فترة قصيرة، مع الحفاظ على معايير السلامة العالية.
  • التحديث بدلاً من إعادة الابتكار: يعد تحديث لقاح موجود أكثر سهولة وسرعة من تطوير لقاح جديد بالكامل.
  • المعرفة المتراكمة: يعرف العلماء الكثير من المعلومات بالفعل حول فعالية لقاحات الرنا المرسال؛ ما مكّنَهم من تصميم لقاحات توفر حماية أفضل ضد سلالات الفيروس الحالية.
  • الاستثمار الضخم: خُصص تمويل كبير للبحث والتطوير.
  • التعاون العالمي: عمل الباحثون والعلماء والمصنعون حول العالم معاً لتطوير اللقاحات.
  • التكنولوجيا المُثبتة: تستخدم لقاحات كوفيد-19 المعززة لعامَي 2023 و2024 التكنولوجيا المُثبتة نفسها؛ التي حصل مبتكروها على جائزة نوبل والمستخدَمة في لقاحات أخرى آمنة كان قد تلقاها مئات الملايين من الأشخاص.

بصفة عامة، تُظهر التجارب السريرية والبيانات فعالية لقاحات كوفيد-19 في الوقاية من الإصابة بأمراض شديدة. وفي هذا السياق، تُطبَّق إجراءات صارمة لضمان سلامة لقاحات كوفيد-19 وفعاليتها؛ وتشمل:

  • المراقبة المستمرة: تراقب اللجنة الاستشارية العالمية المعنية بمأمونية اللقاحات (GACVS) والتابعة لمنظمة الصحة العالمية تأثير اللقاحات في العالم الحقيقي؛ للكشف عن أي آثار جانبية محتملة.
  • التجارب السريرية: تخضع اللقاحات إلى تجارب سريرية واسعة النطاق قبل الموافقة عليها؛ لإثبات فعالية اللقاح وأمانه وفقاً لمعايير دولية.
  • المراجعة المستقلة: تُجري منظمة الصحة العالمية مراجعات مستقلة لأدلة السلامة والفعالية لكل لقاح مرشح قبل إضافته للقائمة وإقرار استخدامه.
  • الموافقة التنظيمية: يخضع كل لقاح إلى الموافقة التنظيمية في البلد المُصنِّع له قبل الموافقة على استخدامه.
  • موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA): يجب أن تثبت اللقاحات مطابقتها المعايير العلمية الصارمة لإدارة الغذاء والدواء فيما يتعلق بالسلامة والفعالية والجودة.
  • التحديث السنوي: تُحدَّث لقاحات كوفيد-19 سنوياً مثل لقاح الإنفلونزا الموسمية؛ لحماية الأفراد من سلالات فيروس كورونا المنتشرة.

اقرأ أيضاً: كل ما يجب أن تعرفه عن لقاحات كوفيد-19 المعززة الجديدة وهل يجب أن تتلقاها؟

ماذا تفعل عند الإصابة بكوفيد-19؟

أصدر مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأميركي (CDC) في مارس/آذار 2024 إرشادات مُحدَّثة للتعامل مع فيروسات الجهاز التنفسي؛ بما فيها فيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد-19.

تشمل الخطوط العريضة للإرشادات الجديدة:

1. الراحة المنزلية: ابقَ في المنزل حتى تتحسن الأعراض وتتخلص من الحمى (دون دواء) مدة 24 ساعة.

2. العودة التدريجية: عند العودة إلى أنشطتك اليومية، اتخذ احتياطات إضافية خلال الأيام الخمسة التالية؛ مثل:

3. اتخاذ المزيد من الاحتياطات: يُنصح بذلك الأشخاص الأكثر عرضة إلى خطر الإصابة بمرض شديد؛ مثل الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً أو الذين يعانون ضعفاً في جهاز المناعة.