فرع مفقود لنهر النيل قد يساعد على تفسير وجود الأهرامات في مكانها الحالي

2 دقيقة
فرع مفقود لنهر النيل قد يساعد على تفسير وجود الأهرامات في مكانها الحالي
الهرم الأحمر في مدينة موتى دهشور، الذي شُيِّد خلال فترة حكم الأسرة المصرية الرابعة. حقوق الصورة: إيمان غنيم
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قد يمثّل فرع مفقود منذ القدم لنهر النيل حلاً للغز بناء بعض من أشهر الأهرامات المصرية القديمة. وفقاً للباحثين، وقع 31 هيكلاً، منها أهرامات الجيزة، بالقرب من ضفاف فرع نهر جاف الآن دُفن تحت الرمال والطمي منذ آلاف السنين. إذا كان هذا الكلام صحيحاً، فهو قد يفسر كيف تمكن البناؤون من نقل المواد التي بنيت منها هذه الآثار، كما أنه قد يساعد الباحثين على العثور على بعض المواقع غير المكتشفة في المستقبل.

على الرغم من أن سفوح الهضبة الصحراوية الغربية البالغ طولها نحو 64 كيلومتراً تتألف اليوم في أغلبها من تضاريس لا تصلح للعيش، فإن رواسب النهر في أعماق الأرض تشير إلى أن الحال لم تكن كذلك دائماً. تعتقد إيمان غنيم وزملاؤها في جامعة كارولاينا الشمالية في مدينة ويلمنغتون أن هذه المنطقة كانت أكثر صلاحية للزراعة وأكثر حيوية في الماضي، لا سيّما قبل نحو 4,700 عام عندما كان عدد فروع نهر النيل أكبر بكثير من عددها الحالي.

هذه أيضاً هي الفترة التي بدأ فيها بناء أولى الأهرامات في المنطقة. كتبت غنيم وزملاؤها في ورقتهم البحثية الجديدة التي نشرت بتاريخ 16 مايو/أيار 2024 في مجلة كوميونيكيشنز إيرث آند إنفايرومنت (Communications Earth & Environment): "من المنطقي أن تُبنى الهياكل الأثرية مثل الأهرامات والمعابد بالقرب من الممرات المائية الرئيسة لتسهيل نقل مواد البناء والعمال. مع ذلك، لم يُكتشف أي ممر مائي بالقرب من أكبر موقع للأهرامات في مصر؛ إذ يقع نهر النيل على بعد عدة كيلومترات من هذا الموقع".

يحيط الممر المائي لفرع الأهرامات القديم بعدد كبير من الأهرامات التي تعود إلى عصر الدولة القديمة حتى الفترة الانتقالية الثانية، التي تمتد بين فترة حكم الأسرتين المصريتين الثالثة والثالثة عشرة. حقوق الصورة: إيمان غنيم وآخرون.

يعتقد فريق غنيم أنه حدد موقع أحد الممرات المائية السابقة لنهر النيل، وذلك بعد إجراء مراجعة مفصّلة لصور الأقمار الاصطناعية وبيانات الاستشعار عن بعد والبيانات الجيولوجية وعمليات تحليل الرواسب. يفسّر وجود هذا الفرع، الذي اقترح الباحثون إطلاق اسم "فرع الأهرامات" عليه، تركُّز العديد من المباني الأثرية بالقرب من العاصمة المصرية القديمة في منف. تدعم نتائج الدراسة الجديدة ما نصت عليه فرضيات مشابهة اقترحها علماء آثار آخرون في السنوات الأخيرة، ما يعزز ادعاءات مؤلفي هذه الدراسة أيضاً هو وجود عدد من الممرات المرتفعة التي تبدأ عند الأهرامات وتنتهي عند ضفاف فرع الأهرامات المفترض.

من شأن ذلك أن يعزز مصداقية الفكرة التي تنص على أن المصريين القدماء اعتمدوا على نهر النيل لنقل مواد البناء في مشروعات بناء الأهرامات. مع ذلك، بدأت الظروف تصبح غير مواتية لبقاء فرع الأهرامات منذ نحو 4,200 سنة. لاحظ الباحثون عند مراجعة البيانات تراكماً كبيراً للرمال التي تطايرت بفعل الرياح، وهو حدث يتوافق مع فترة جفاف كبيرة يعلم العلماء أنها حدثت في الوقت نفسه تقريباً. من المرجح أن هذا التحوّل في المناخ تسبب بانحسار فرع الأهرامات واختفائه في نهاية المطاف، على الرغم من أن الأهرامات البالغ عددها 31 هرماً ظلت موجودة بالطبع.

يعتقد فريق غنيم أن اكتشاف فرع الأهرامات المحتمل لن يسهم فقط في التوصل إلى فهم أعمق لمصر الفرعونية، بل سيؤدي أيضاً إلى تحديد المواقع التي تجب دراستها أكثر وحمايتها.

اقرأ أيضاً: العثور على مومياء عمرها 4300 عام مغطاة بالذهب في مصر

كتب الباحثون في خاتمة الدراسة: "يمكن أن يساعد اكتشاف هذا الفرع الزائل لنهر النيل على كشف المواقع النسبية المحتملة للمستوطنات القديمة قياساً به، كما أنه قد يحول دون ضياعها بسبب النمو الحضري السريع. وقد يسهم ذلك بدوره في تعزيز كفاءة تدابير حماية التراث الثقافي المصري".

يعتقد الفريق أن علماء الآثار سيتمكنوا باتباع هذه المنهجية من تحديد المواقع التي يجب منحها الأولوية في التنقيب والدراسة في المستقبل بكفاءة أكبر، وأنهم سيتمكنوا أيضاً من تسليط الضوء على مواقع جديدة تجب حمايتها من مشروعات التخطيط الحضري الحديثة. من المحتمل أيضاً اكتشاف المزيد من فروع نهر النيل القديمة التي يمكن أن تعمّق فهم العلماء لمجتمع مصر القديمة.