هل تحسّن أدوية علاج الضعف الجنسي الصحة القلبية للرجال؟

هل تحسّن أدوية علاج الضعف الجنسي الصحة القلبية للرجال؟
تم تطوير دواء سلدينافيل (وهو الدواء الجنيس للفياغرا) للتخفيف من أعراض ارتفاع ضغط الدم والمشكلات القلبية الأخرى لدى النساء والرجال. ديبوزيت فوتوز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تشير دراسة رصدية واسعة جديدة إلى أن تناول الأدوية التي تعالج ضعف الانتصاب يحسّن الصحة. بيّنت هذه الدراسة التي نُشرت بتاريخ 13 يناير/ كانون الثاني 2023 في مجلة الطب الجنسي (The Journal of Sexual Medicine)، أن دواء سلدينافيل (sildenafil)، والذي يباع تحت اسمي فياغرا (Viagra) وريفاتيو (Revatio)، يتمتع بتأثيرات قلبية وقائية. تم تطوير هذا الدواء في الأصل كدواء قلبي قبل أن تتم الموافقة على استخدامه لمعالجة ضعف الانتصاب. وتدعم نتائج الدراسة الجديدة الادعاءات السابقة التي أجريت في أثناء تطوير هذا الدواء، والتي تنص على أنه يتمتع بفوائد للقلب.

فوائد دواء الفياغرا لصحة القلب

يقول أستاذ الطب في كلية كيك للطب في جامعة جنوب كاليفورنيا والمؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة، روبرت كلونر (Robert Kloner): “بشكل عام، يبدو أن استخدام هذه الأدوية آمن فيما يتعلق بالأحداث القلبية الوعائية الضارة والخطيرة”. مع ذلك، يحذّر كلونر من أن الدراسة كشفت عن علاقة ارتباطية وليست سببية بين استخدام دواء سلدينافيل وانخفاض خطر المشكلات القلبية والوفاة. تم تمويل الدراسة الجديدة جزئياً من قِبل شركة سانوفي (Sanofi)، وهي شركة دوائية تنتج دواء سيالس (Cialis) الذي يعالج ضعف الانتصاب.

اقرأ أيضاً: كيف تعمل الفياجرا؟ إليك حقائق عن الحبة الزرقاء الصغيرة

يعتبر دواء سلدينافيل مثبّطاً من النوع الخامس للفوسفودستراز. وهو يعمل من خلال تثبيط إفراز أحد الإنزيمات في جدران الأوعية الدموية، ما يتيح لها الاسترخاء والتوسع ويؤدي إلى زيادة تدفق الدم، بالأخص إلى القضيب. يمكن أن يحسّن هذا الدواء أيضاً من تدفق الدم إلى مناطق أخرى من الجسم.

كما تمت الموافقة على استخدامه كعلاج لارتفاع ضغط الدم الرئوي لدى الرجال والنساء في الولايات المتحدة. تبين الدراسات التي أجريت على مدى عقود من الزمن على الرجال الذين يتناولون مثبطات الفوسفودستراز من النوع الخامس لعلاج ضعف الانتصاب أن هذا الدواء يمكن أن يساعد أيضاً في علاج بعض المشكلات القلبية الأخرى، على الرغم من أن معظم هذه الدراسات لم تحتوِ على مجموعات الضبط وشملت عدداً قليلاً من المشاركين.

اهتم كلونر وزملاؤه بدراسة الفوائد الصحية الأخرى التي يوفّرها هذا الدواء لمجموعة أوسع بكثير من الأشخاص الذين من المرجح أكثر أن يستخدموه. وتتألف هذه المجموعة من الرجال الأميركيين الذين يستخدمون الدواء لعلاج ضعف الانتصاب.

حلل مؤلفو الدراسة السجلات الطبية التي تم توثيقها على مدى 14 سنة، والتي تعود للذكور الذين يبلغون من العمر 18 عاماً أو أكثر والذين عانوا من ضعف الانتصاب لمدة عام واحد على الأقل. تم تصنيف المرضى في مجموعتين؛ تضمنت المجموعة الأولى أكثر من 23 ألف رجل من الذين استخدموا مثبطات الفوسفودستراز من النوع الخامس مثل سلدينافيل لعام واحد أو أكثر، بينما تضمنت المجموعة الثانية أكثر من 48 ألف رجل لم توضح السجلات الطبية أنهم استخدموا هذه الأدوية مطلقاً.

اقرأ أيضاً: أدوية تنظيم النسل للرجال؟ التجارب السريرية قد تبدأ هذا العام فعلاً

انخفاض خطر الإصابة بالمشكلات القلبية بين من تناولوا أدوية معالجة ضعف الانتصاب

كان خطر إصابة رجال المجموعة الأولى بالمشكلات القلبية في المستقبل، والتي تتعلق بانخفاض تدفق الدم إلى العضلة القلبية مثل النوبات القلبية والجلطات القلبية والآلام الصدرية، أقل بنسبة 13% مقارنة برجال المجموعة الثانية. بالإضافة إلى ذلك، كان رجال المجموعة الأولى أقل عرضة للوفاة بسبب المشكلات المتعلقة بالأمراض القلبية الوعائية بنسبة 39% مقارنة برجال المجموعة الثانية، وأقل عرضة للوفاة بشكل عام بنسبة 25% مقارنة برجال المجموعة الثانية.

وجد الباحثون أيضاً أن عدد الحبوب التي تناولها الرجال عامل مهم أيضاً. تمتّع الرجال الذين تناولوا أكبر كمية من مثبطات الفوسفودستراز من النوع الخامس (191.2 حبة في المتوسط) بأكبر انخفاض في خطر الإصابة بالمشكلات القلبية (بنسبة 55%) وخطر الوفاة المبكرة (بنسبة 49%)، وذلك مقارنة بالرجال الذين تناولوا أقل كمية من هذه الأدوية (5.5 حبات في المتوسط). يقول كلونر: “الجانب الذي يبعث على التفاؤل في الدراسة هو أن الأغلبية الساحقة من النتائج النهائية تبين أن استخدام مثبطات الفوسفودستراز من النوع الخامس كان مفيداً. وكانت هذه النتيجة متسقة عبر الدراسة”،

“نعلم أن الوحدة ترتبط بخطر الوفاة والنتائج السلبية المتعلقة بالصحة القلبية”.

رينا مالك، أخصائية الأمراض البولية.

فوائد العلاقات الجنسية على الصحة القلبية الوعائية قد تبرر نتائج الدراسة

للوهلة الأولى، تبين النتائج الإيجابية أنه يجب على الجميع تناول أدوية علاج ضعف الانتصاب بهدف تحسين صحة القلب. ولكن هذا ليس صحيحاً؛ إذ إن تصميم الدراسة الرصدية الجديدة يجعل استبعاد أي تفسير آخر لتحسن صحة القلب لدى المشاركين صعباً. على سبيل المثال، يقول طبيب القلب في مركز بروفيدنس سانت جون الصحي في ولاية كاليفورنيا، ريجفيد تادوالكار (Rigved Tadwalkar)، والذي لم يشارك في الدراسة الجديدة، إن مؤلفي الدراسة قاموا بقياس عدد الحبوب التي تم وصفها للمرضى فقط، وليس عدد الحبوب التي تناولها هؤلاء بالفعل. يقول تادوالكار: “وصف الدواء لا يقتضي تناوله بالضرورة”.

من المحتمل أن الرجال الذين اختاروا تناول دوار فياغرا كانوا يتمتعون بصحة قلبية جيدة في المقام الأول. تقول أخصائية الأمراض البولية والأستاذة المساعدة للجراحة في كلية الطب التابعة لجامعة ميريلاند، رينا مالك (Rena Malik)، والتي لم تشارك في الدراسة الجديدة: “قد يتردد الأطباء في وصف أدوية ضعف الانتصاب للمرضى الذين عانوا من الأمراض القلبية الوعائية من قبل. تصبح العلاقات الجنسية خطيرة عادة عندما يعاني الأشخاص من صحة قلبية رديئة. وعندها، لا يجب أن يمارس هؤلاء هذه العلاقات بشكل متكرر”. بالإضافة إلى ذلك، من المحتمل أيضاً أن العلاقات الجنسية نفسها توفر الفوائد للصحة القلبية الوعائية.

وفقاً لمالك، من المحتمل أن الأشخاص الذين يمارسون العلاقات الجنسية بشكل متكرر يتمتعون بلياقة بدنية أفضل من الذين لا يفعلون ذلك في المقام الأول. تقول مالك: “من المحتمل أن هؤلاء يعانون من الآلام المزمنة بمعدل أقل، وأنهم نشيطون ويتمتعون بالمرونة الجسدية”. بالإضافة إلى ذلك، قد تقتضي قدرتهم على قضاء وقت حميمي مع الآخرين أنهم لا يعانون من الوحدة مثل الأشخاص الذين لا يمارسون هذه العلاقات. تقول مالك: نعلم أن الوحدة ترتبط بخطر الوفاة والنتائج السلبية المتعلقة بالصحة القلبية“. تسهم هذه العوامل بارتفاع خطر الوفاة بسبب الحالات المتعلقة بالمشكلات القلبية.

اقرأ أيضاً: مادة صناعية جديدة تحمل أملاً لمعالجة الضعف الجنسي عند الرجال

يوافق كل من تادوالكار ومالك على أنه لا يجب استبعاد نتائج الدراسة الجديدة على الرغم من وجود بعض المتغيرات المحيرة. تقول مالك: “هناك العديد من العوامل التي قد تؤدي دوراً في تحسين الصحة القلبية. لكن مثبطات الفوسفودستراز من النوع الخامس عبارة عن أدوية موسعة للأوعية تزيد من تدفق الدم، لذلك من المنطقي أنها تتمتع بآثار وقائية”.

أشار كل من تادوالكار ومالك إلى أن الدراسة الجديدة أجريت بشكل محكم وأنها تزيد من المعلومات المتوفرة لدينا حالياً عن مثبطات الفوسفودستراز من النوع الخامس. يؤكد تادوالكار أن الأطباء قد يتشجّعون بشكل أكبر على وصف هذه الأدوية للمرضى الذين يعانون من المشكلات القلبية الوعائية والذين يرغبون في تناول الفياغرا إن لم تكن هناك ردود فعل خطيرة وضارة لهذا الدواء.

مثبطات الفوسفودستراز من النوع الخامس للنساء أيضاً

يمكن وصف مثبطات الفوسفودستراز من النوع الخامس أيضاً لتحسين الصحة القلبية لدى النساء. على الرغم من أن الدراسة لم تشمل المرضى من النساء، يقول كلونر إن هذه الأدوية قد تساعد في استرخاء الأوعية الدموية والتقليل من خطر الوفاة لدى النساء أيضاً. مع ذلك، يجب إجراء تجارب سريرية عشوائية تتضمن مجموعة ضبط من المشاركين الذين يتناولون الأدوية الوهمية لتعميم نتائج الدراسة الجديدة على جماعات بشرية أخرى وصياغة توصيات صحية أكثر شمولاً حول تناول مثبطات الفوسفودستراز من النوع الخامس وفوائدها المحتملة على الصحة القلبية.

اقرأ أيضاً: هل يؤثر داء السكري في الرغبة الجنسية عند المصابين به؟

يقول كلونر: “تكمن المشكلة في الحصول على التمويل لهذه التجارب”. نظراً لأن هذه الأدوية جنسية (أي تقابل منتجاً دوائياً ذا علامة تجارية مسجلة ومحمية قانونياً)، يقول كلونر إن شركات الأدوية والحكومات لم تبدِ اهتماماً كبيراً في دعم الدراسات والتجارب المتعلقة بضعف الانتصاب غير المبنية على البيانات التي تم جمعها مسبقاً. يقول كلونر: “لكن ربما سيتجدد الاهتمام في تمويل هذا النوع من الدراسات بعد إجراء دراستنا، ما قد يتيح لنا إيجاد أدلة جديدة تساعدنا في استخدام هذه الأدوية في مجال طب القلب الوقائي”.