الوخز بالإبر، ممارسة قديمة متجذرة في الطب الصيني التقليدي، تم استخدامها لأكثر من 2500 عام لعلاج مجموعة متنوعة من الأمراض. وقد يُقال إنه قادر على علاج كل شيء من الاكتئاب والحساسية إلى الغثيان الصباحي والتشنجات، فما هي حقيقة ذلك؟ وكيف تعمل هذه التقنية بالضبط؟ وما هي الفوائد التي يمكن أن تقدمها؟
كيف يعمل الوخز بالإبر؟
تتضمن تقنية الوخز بالإبر إدخال إبر فولاذية رفيعة جداً في نقاط محددة على الجسم، بما فيها الرقبة والظهر والرأس والوجه، لتحفيز المناطق الغنية بالأعصاب على سطح الجلد.
كل إدخال للإبرة يخلق إصابة صغيرة في الموقع، فترسل النهايات العصبية رسالة على طول الأعصاب إلى الدماغ والحبل الشوكي، ما يدفع الجسم للاستجابة بإفراز الإندروفينات. الإندروفينات هي مواد كيميائية ينتجها الجسم، استجابة للألم، وتعمل كمسكنات طبيعية للألم، ما من شأنه تحسين الحالة المزاجية وتحفيز قدرات الجسم الطبيعية على الشفاء والصحة الجسدية والعاطفية. تشبه هذه العملية تأثير ممارسة الرياضة، والتي تحفّز أيضاً إطلاق الإندورفينات.
يختلف عدد الإبر ومدة بقائها باختلاف المرض الذي يتم علاجه، لكن عادة ما تتراوح الجلسة بين 45-60 دقيقة. يشعر المريض خلالها بوخزات صغيرة أو دغدغة أو بكهرباء، بينما قد لا يشعر بعض المرضى بأي شيء. كما كانت منظمة الصحة العالمية قد وضعت معايير لممارسة الوخز بالإبر، توفّر الحد الأدنى من متطلبات البنية الأساسية لتقديم الخدمة، وتؤكّد العناصر الأساسية للممارسة الآمنة للوخز بالإبر.
اقرأ أيضاً: هل الإبر الصينية مجدية حقاً؟ ولماذا يكون التحقق من فعاليتها صعباً للغاية؟
فوائد الوخز بالإبر؟
وفقاً للمراجعة المنشورة في دورية آفاق في علم الأعصاب (Frontiers in Neuroscience)، يساعد الوخز بالإبر على علاج الأعراض المرتبطة بالجهاز العصبي اللاإرادي، بما فيها أنواع الألم المختلفة، وحالات الصحة النفسية، ومشكلات الجهاز الهضمي واضطرابات النوم.
علاج الألم
وجدت الدراسة المنشورة في دورية الأدوية (Medicines)، أن الجمع بين الوخز بالإبر والعلاج التقليدي كان أكثر فاعلية في علاج آلام أسفل الظهر من العلاج التقليدي وحده، وأن العلاج بالوخز بالإبر ساعد على السيطرة على ألم أسفل الظهر بعد العلاج مدة 6 أشهر.
وفي دراسة حديثة نشرتها دورية حوليات الطب الباطني (Annals of Internal Medicine)، قلل الوخز بالإبر من آلام الرقبة المزمنة مدة تصل إلى 24 أسبوعاً، مقارنة بالذين لا يخضعون للوخز بالإبر.
بالإضافة إلى ذلك، أفادت الدراسة المنشورة في مجلة الألم (The Journal of Pain) بأنه يمكن استخدام الوخز بالإبر لتسكين فعلي وليس وهمياً لأنواع أخرى من الألم المزمن، مثل آلام الكتف وآلام الجهاز العضلي الهيكلي غير المحددة وآلام الرقبة.
التهاب المفاصل
أشار البحث المنشور في مجلة البحوث العلمية الحديثة الدولية (International Journal of Recent Scientific Research) إلى أن الوخز بالإبر قد ساعد الذين يعانون هشاشة العظام في الركبة، أي انهيار النسيج الضام فيها، وحسّن وظائف الركبة على المدى القصير والطويل، وقلل آلامهم على المدى القصير.
اقرأ أيضاً: روماتيزم الركبة: من الأعراض إلى التشخيص والعلاج
اضطرابات الصحة النفسية
ساعد الوخز بالإبر على علاج عدد من الحالات النفسية، مثل:
- الاكتئاب: أفادت المراجعة المنشورة في دورية قاعدة بيانات كوكرين للمراجعات المنهجية (Cochrane Database of Systematic Reviews)، بأن الوخز بالإبر قد يساعد على نحو خفيف إلى متوسط في تقليل شدة أعراض الاكتئاب.
- اضطراب القلق العام: وجدت الدراسة المنشورة في دورية حوليات الطب النفسي العام (Annals of General Psychiatry)، تراجع أعراض القلق لدى الأفراد الذين تلقوا علاجاً بالوخز بالإبر مقارنة بمجموعة المراقبة.
- الأرق واضطرابات النوم: وجدت الدراسة المنشورة في المجلة الأميركية للطب الصيني (The American Journal of Chinese Medicine) أن الوخز بالإبر نحو 3 أسابيع كان فعّالاً في تخفيف أعراض اضطرابات النوم.
الصداع
أثبتت الأبحاث فاعلية العلاج بالوخز بالإبر في علاج الصداع النصفي والصداع الناجم عن التوتر. خلال دراسة استمرت 6 أشهر، ونُشرت نتائجها فى دورية قاعدة بيانات كوكرين للمراجعات المنهجية، تبين أن الوخز بالإبر استطاع تقليل أعراض الصداع النصفي بنسبة النصف لدى 41% من المشاركين. علاوة على ذلك وجد الباحثون في الدراسة أن الوخز بالإبر كان مفيداً بقدر الأدوية الوقائية للصداع النصفي، كما أظهرت الدراسة ذاتها، أن إجراء 6 جلسات من الوخز بالإبر على الأقل قد يكون مفيداً لأولئك الذين يعانون آلام الرأس والصداع الناتج عن التوتر.
اقرأ أيضاً: نصائح للتغلب على نوبات الصداع في المنزل
صحة الجلد
أفادت مراجعة نشرتها مجلة الوخز بالإبر في الطب (Acupuncture in Medicine)، بأن الوخز بالإبر فعّال في تحسين مظهر الجلد في الرأس والرقبة والوجه.
ووجدت دراسة من الكلية الأميركية الطبية أن الوخز بالإبر قد يوفّر تخفيفاً محدوداً لأعراض الشرى، وهي نوع من حساسية الجلد.
صحة الجهاز التنفسي
قد يساعد العلاج بالوخز بالإبر إلى جانب العلاجات الأخرى في علاج أمراض الجهاز التنفسي. على سبيل المثال، استطاع الوخز بالإبر في الدراسة المنشورة في مجلة العلاجات التكميلية في الممارسة السريرية (Complementary Therapies in Clinical Practice)، التخفيف بشكلٍ ملحوظ من حدة أعراض مرض الانسداد الرئوي المزمن.
كما وجدت المراجعة المنشورة في مجلة إدارة الألم والأعراض (Journal of Pain and Symptom Management) أن الوخز بالإبر يمكن أن يساعد على تقليل ضيق التنفس وتحسين نوعية الحياة للأشخاص الذين يعانون ضيق التنفس الشديد نتيجة للسرطانات المتقدمة أو مرض الانسداد الرئوي المزمن.
بالإضافة إلى ذلك، قد يكون الوخز بالإبر مفيداً في علاج حالات مثل:
- التهاب المفاصل المزمن.
- اضطراب المعدة (الغثيان) الناجم عن التخدير الجراحي والعلاج الكيميائي للسرطان.
- احتقان الجيوب الأنفية.
- ارتفاع الضغط.
- الإدمان.
اقرأ أيضاً: ما فوائد حبوب الغلوكوزامين للمفاصل بعد سن الأربعين؟ وما آثارها الجانبية؟
مخاطر العلاج بالوخز بالإبر
من النادر حدوث آثار جانبية للعلاج بالوخز بالإبر، ولكنها قد تسبب:
- تفاقم مؤقت للأعراض.
- إصابة منطقة الوخز أو عدوى أنسجة الجلد أو العضلات أو الأعصاب.
- الدوّار والنعاس.
- الكدمات.
- النزف، وخاصة لدى الذين يعانون مشكلات نزفية، أو يتناولون أدوية مميعة للدم.
- انخماص الرئة وإصابات داخلية، وذلك لدى إدخال الإبرة إلى نقاط عميقة، ومع ذلك تبقى حالات نادرة الحدوث.
كما يُحذّر استخدام الوخز بالإبر في بعض الحالات مثل:
- تركيب جهاز تنظيم ضربات القلب: حيث قد يتداخل عمل الجهاز مع العلاج بالوخز بالإبر الذي يتضمن نبضات كهربائية خفيفة.
- الحمل: يحفّز وخز الإبر في بعض النقاط المخاض، ما قد يعرّض المرأة لخطر الولادة المبكرة.