كيف يمكن علاج ارتفاع ضغط الدم سواء كان حقيقيّاً أو وهميّاً؟

3 دقائق
أسباب ارتفاع ضغط الدم: هل تأكدتَ من أن ارتفاع ضغطك ليس ناجماً عن سبب قابل للعكس؟
حقوق الصورة: شترستوك.

يعتبر ارتفاع ضغط الدم أحد الأمراض المُعاصرة التي ترافق نمط الحياة المدني ذو الغذاء مرتفع السعرات الحرارية والحركة القليلة. يعبث ارتفاع الضغط بكل أنظمة الجسم ويزعزع استقرار عملها، وعلى الرغم من أنه قد يكون صامت الأعراض، أي دون أعراض واضحة، إلّا أنه قاتل إذا لم يتم علاجه. يُعرضنا ارتفاع ضغط الدم لخطر الإصابة بالسكتة الدماغية وفشل القلب والفشل الكلوي ومشاكل طبية أخرى. 

تعريف ارتفاع ضغط الدم

يتألف ضغط الدم من مركبتين؛ مركبة انقباضية وهي الضغط الذي يطبقه الدم على جدران الشرايين أثناء الانقباض، قيمتها الطبيعية أقل من 120 ميليمتراً زئبقياً، ومركبة انبساطية وهي ضغط الدم في فترة ما بين النبضات أي عندما تكون العضلة القلبية مسترخية، قيمتها الطبيعية أقل من 80 ميليمتراً زئبقيّاً. نقول إن الشخص معرض للإصابة بارتفاع الضغط عندما يتراوح الضغط الانقباضي بين 120 و140 ميليمتراً زئبقيّاً وعندما يتراوح الضغط الانبساطي بين 80 و89 ميليمتراً زئبقيّاً.

أما ارتفاع ضغط الدم المرضي الصريح فهو تجاوز الضغط الانقباضي قيمة 140 ميليمتراً زئبقيّاً، وتجاوز الضغط الانبساطي قيمة 90 ميليمتراً زئبقيّاً، وتزداد خطورة الإصابة وحدّتها بازدياد ارتفاع الأرقام هذه. وعلى الرغم من أن الأرقام التشخيصية موحدة لكل أنواع ارتفاعات الضغط، إلّا أن كشف أسباب الحدوث مهمة جداً لأن بعض الأسباب قد تكون مؤقتة ويمكن أن تُعالَج بشكل تام.

اقرأ أيضاً: 60 عاماً من الاختباء: أخيراً تحديد ضغط الدم الطبيعي داخل الجسم

ما هي أسباب ارتفاع الضغط الشرياني؟ 

ترتبط بعض حالات ارتفاع ضغط الدم بالشيخوخة وقلة النشاط الحركي، أمّا بعضها الآخر فيرتبط بعدد من الأمراض والأدوية، ويتم تقرير العلاج بالاعتماد على السبب.

ارتفاع ضغط الدم الأساسي

يُشكل ارتفاع ضغط الدم الأساسي 95% من مجمل حالات الإصابة، وسمّي أساسياً لأنه مجهول السبب، ولكن وُثّق بأنه يرتبط بالتقدم بالعمر والعادات غير الصحية كعدم ممارسة الرياضة بشكل كافٍ والتدخين واستهلاك الكحول والوراثة. عادة لا تظهر أي أعراض على الأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم الأساسي ولكن قد يعانون من صداع متكرر أو إرهاق أو دوار أو نزيف في الأنف. نظراً لعدم وجود أي أسباب موجهة تساعدنا في علاج السبب، يكون علاج ارتفاع التوتر الشرياني الأساسي عرضيّاً ويقتصر على استخدام أحد أدوية ارتفاع الضغط التي يصفها الأطباء.

ارتفاع ضغط الدم الثانوي

يُشكل ارتفاع ضغط الدم الثانوي نحو 5-10% من الحالات، سُمّي بالارتفاع الثانوي لأنه ناجم عن وجود مرض معين أو حالة معينة، والخبر السار هو أنه إذا تم العثور على السبب فيمكن السيطرة على ارتفاع ضغط الدم في كثير من الأحيان، ومن أهم الأسباب نذكر:

  • نقص التروية الكلوية: والذي يُعتبر السبب الأكثر شيوعاً لهذا النوع، وفي هذه الحالة العلاج الأكثر أهمية هو التحكم في ضغط الدم من خلال تغيير نمط الحياة بالإضافة إلى استخدام مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين وحاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين، فهي تخفض ضغط الدم وتحمي الكلى من وقوع المزيد من الضرر، خاصةً عند مرضى السكري.
  •  انسداد مجرى الهواء أثناء النوم: لا يؤدي العلاج إلى تحسين جودة النوم فحسب بل يمكن أن يساعد أيضاً في التحكم في ارتفاع ضغط الدم، يضمن العلاج استخدام جهاز يُسمى "ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر" والذي يضخ الهواء إلى الرئتين ليلاً.
  • أمراض وأورام الغدد الكظرية والاضطرابات الهرمونية: تمتلك مجموعة من الهرمونات الكظرية والكلوية تأثيراً رافعاً لضغط الدم، وهذه الهرمونات هي الألدوستيرون والذي يسبب فرط إفرازه "متلازمة كون" والتي تُعالج باستخدام دواء السبيرونولاكتون، والكورتيزول الذي يسبب فرط إفرازه الإصابة بـ "داء كوشينغ" وهو داء يُعالَج إمّا بالجراحة أو بالأدوية كالكيتوكونازول، والكاتيكولامينات التي ترتفع في حالات الإصابة بورم القواتم والذي يُعالج بالاستئصال الجراحي. 
  • أمراض الغدة الدرقية: يتسبب فرط نشاط الغدة الدرقية بارتفاع عرضي لضغط الدم والذي يترافق مع التعرق وعدم تحمل الحرارة وتسرع النبض، يُعالج الأطباء فرط نشاط الدرق إمّا جراحياً أو باستخدام اليود المشع أو باستخدام الأدوية المستخدمة في علاج فرط نشاط الغدة الدرقية مثل الميتيمازول والبروبيل تيوراسيل.
  • تضيق برزخ الأبهر: يُعد ارتفاع ضغط الدم أكثر المضاعفات طويلة الأمد شيوعاً لتضيق الأبهر وعادةً ما يحدث انخفاض في ضغط الدم بعد العلاج الجراحي لتضيق الأبهر، لكنه قد يظل أعلى من المعتاد.
  •  الإفراط في تناول الملح أو الكحول في النظام الغذائي: والذي يُعالج بتعديل نمط الحياة.
  • ارتفاع الضغط المرافق لحالات القلق ونوب الهلع: يتراجع ضغط الدم بتعزيز الاسترخاء وبالعلاج النفسي السلوكي الذي يخفف من القلق.
  • الأدوية: يمكن أن تسبب الأدوية ارتفاعاً في ضغط الدم وعلى وجه الخصوص نذكر مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية مثل الإيبوبروفين ومقلدات بيتا التي تُستخدم في حالات الإصابة بالربو والستيروئيدات القشرية السكرية مثل الكورتيزون.

اقرأ أيضاً: الكلى والهرمونات: إليك أعراض وأسباب ارتفاع ضغط الدم المفاجئ 

ارتفاع ضغط الدم الكاذب 

ليس كل ارتفاع في الضغط الشرياني تشخيصاً للإصابة، إذ توجد حالة خاصة تُسمى "متلازمة الرداء الأبيض"، وهي ظاهرة مدروسة بشكل جيد تنص على أن بعض المرضى قد يعانون من ارتفاع مؤقت في ضغط الدم لحظة دخولهم المستشفى أو عيادة الطبيب، ليعود ضغطهم بعد ذلك طبيعياً بعد أخذهم إلى المنزل. 

ولأن القياسات الفردية لضغط الدم خلال النهار قد لا تكون دقيقة، أُجريت دراسة جديدة نُشرت نتائجها في مجلة الطب الباطني العام برئاسة الطبيبة "بيفيرلي غرين"، طبيبة أسرة وباحثة في معهد "كايزر بيرمانينتي" للأبحاث الصحية في واشنطن، ونصت على أن قراءات ضغط الدم المنزلية كانت أكثر دقة من القياسات المأخوذة في العيادات أو في الصيدليات. 

ولذلك تم تحويل المرضى المصابين بمتلازمة الرداء الأبيض لتلقي جهاز مراقبة ضغط الدم المتنقل على مدار 24 ساعة، لهذه الأجهزة أصفاد تنتفخ كل 20 إلى 30 دقيقة أثناء النهار وكل 30 إلى 60 دقيقة في الليل وتقيس قيمة الضغط الدموي. تعتبر هذه الأجهزة الاختبار القياسي الذهبي لتشخيص ارتفاع ضغط الدم بدقة، إلا أنها غير متاحة للاستخدام على نطاق واسع، ولذلك تستخدم في بعض الحالات الخاصة التي تتطلب دراسة دقيقة لقيم الضغط خلال النهار.

المحتوى محمي