ما هو مثلث الموت في الوجه؟ ولماذا يجب عدم العبث به؟

4 دقيقة
ما هو مثلث الموت في الوجه؟ و لماذا يجب عدم العبث به؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/fizkes

عام 2017، حاولت فتاة أميركية تُدعى كايتي رايت فقء بثرة بين حاجبيها، بعد أن أصبحت مؤلمة بالنسبة إليها. في غضون ساعة، تورم وجهها على نحو مؤلم، ما أدّى لدخولها غرفة الطوارئ.

شعرت كايتي بالصدمة عندما علمت أن بثرتها المزعجة كانت في الواقع سبباً في إصابتها بعدوى التهاب النسيج الخلوي، وهو نوع من عدوى المكورات العنقودية (staphylococcus). توجد هذه البكتيريا عادة على الجلد أو في الأنف، ولا تسبب غالباً أي مشكلات، لكنها قد تتحول إلى قاتلة إذا تمكنت من الوصول إلى أنسجة أعمق في الجسم.

أبلغ الأطباء كايتي أن العدوى كان يمكن أن تودي بحياتها لو لم تتلقَّ العلاج على الفور، لأنها في منطقة من الوجه تُعرف بـ "مثلث الموت"، وهي منطقة يمكن أن تتصاعد فيها الالتهابات بسرعة من الشديدة إلى المميتة. فأين تقع هذه المنطقة من الوجه تحديداً؟ وما هي المخاطر المرتبطة بها؟

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة تكشف أكثر أسباب الوفاة شيوعاً في عصرنا الحالي

ما هو مثلث الموت في الوجه؟ 

مثلث الموت هو في الواقع إشارة إلى منطقة من الوجه تمتد من زوايا الفم حتى جسر الأنف، وفيها قد يتطور أي نوع من الالتهابات بسرعة شديدة إلى الدرجة المميتة. يعود السبب في ذلك إلى ارتباطها الوثيق بالدماغ؛ حيث يقع مثلث الموت فوق منطقة تُعرف بالجيب الكهفي، وهي منطقة من الجمجمة خلف محجر العين تغذّيها شبكة من الأوعية الدموية التي تصرف الدم إلى الدماغ، ما يخلق اتصالاً من الخارج إلى الداخل. بعبارة أخرى، يكون للبكتيريا مسار واضح ومباشر إلى حد ما من البثرة إلى الدماغ.

يحتوي الجلد على أعداد كبيرة من البكتيريا الملوثة، لكن الجلد باعتباره خط الدفاع الأول، يحمي الجسم من غزوها. في حال تعرّض هذا الحاجز إلى الخدش فإن البكتيريا قد تخترقه وتصل إلى أنسجة الجسم الداخلية. 

ما يُميّز منطقة مثلث الموت هو قربها من الدماغ وسرعة وصولها إلى مركز التحكم في الجسم، ما قد يرتبط بمضاعفات فورية وخطيرة. 

عندما تفقء البثور، فإنك تسمح لبكتيريا الجلد الممرضة باختراقه وصولاً إلى الأوردة الدموية في الجيب الكهفي في الجمجمة ونقل العدوى إلى مركز التحكم في الجسم. كذلك الأمر بالنسبة إلى إزالة الشعر في هذه المنطقة؛ إذ قد يتسرب القليل من الدم عبر الجيب، ما يمثّل منفذاً للبكتيريا للدخول إلى شبكة الأوعية الدموية في الجيب الكهفي.

اقرأ أيضاً: هل يسهم خل التفاح في علاج البثور وأمراض القلب وتبييض الأسنان حقاً؟

ما هي المخاطر المرتبطة بمثلث الموت؟

ترتبط عدوى الوجه في منطقة مثلث الموت بعدد من المخاطر الصحية المهددة للحياة أهمها:

1. تجلط الجيوب الأنفية الكهفي الإنتاني: وفيها يتخثر الدم في الجيوب الأنفية الكهفية، ما يؤخّر تدفق الدم من الدماغ. يمكن أن يسبب ذلك مجموعة متنوعة من المشكلات الصحية الخطيرة التي قد تهدد الحياة، مثل:

  • خراج الدماغ، وهو جيب من القيح يسبب تورماً في الدماغ.
  • عدوى الدماغ.
  • الصدمات الإنتانية، وهي جلطات دموية مصابة بالعدوى تنتقل عبر مجرى الدم.
  • السكتة الدماغية.
  • التهاب رئوي.

2. الشلل في عدة أجزاء من الوجه: توجد مباشرة تحت منطقة مثلث الموت 4 أعصاب قحفية رئيسية تتحكم في وظائف الوجه، وإصابة أي من هذه الأعصاب تؤدي إلى شلل المنطقة المسؤول عنها؛ مثل جفون العينين والفم، كما قد تضعف الوظائف الحركية أو تُفقد الرؤية (العمى).

3. التهاب السحايا: قد تنتقل العدوى إلى السحايا وهي الطبقات الواقية المحيطة بالدماغ والحبل الشوكي، مسببة التهابها بسبب الاتصال الوريدي عبر الأوردة العينية بين الوريد الوجهي والجيب الكهفي. ومن أعراضه الحمى والصداع الشديد وتيبس الرقبة والغثيان والقيء والحساسية للضوء.

عام 2018، نشرت مجلة بي إم سي لطب الأطفال (BMC Pediatrics) دراسة لحالة طفل يبلغ من العمر 20 شهراً، وتمتّع سابقاً بصحة جيدة، لكنه عانى متلازمة شبيهة بالإنفلونزا، ثم أُصيب فجأة بالغرغرينا العقدية الانحلالية في منطقة الأنف، وانخفض لديه عدد الصفيحات تدريجياً، وأُصيب بالتهاب الكبد. شخَّص الأطباء حالة الطفل الرضيع بمتلازمة الصدمة السامة للمكورات العقدية (STSS).

عندما لا يتلقى المصاب العلاج الفوري قد تتطور الحالة وتسبب الموت. ومع ذلك، ينبغي التنويه بأن الموت ليس نتيجة حتمية لفقء البثور في منطقة مثلث  الموت، إذ وفقاً لطبيب الجلدية ألوك فيج (Alok Vij)، فإن ظهور بثرة على أنفك أو حول فمك لا يعني بالضرورة أنك ستُصاب بالعدوى، لكن التسبب بأي خدش في جلد هذه المنطقة والتفاعل مع البكتيريا الموجودة على الجلد، يزيد من احتمال الإصابة بالعدوى والمضاعفات الصحية الخطيرة.

اقرأ أيضاً: اسمع نصيحة والدتك وتوقف عن فقء البثور

كيف تتخلص من البثور في مثلث الخطر بأمان؟

إذا كانت البثور في مثلث الوجه تزعجك أو تؤلمك، ولا بُدَّ من إزالتها، يمكنك اتباع النصائح التالية للتخلص منها بأمان:

  • طبّق البنزويل بيروكسايد، وهو مادة يمكن شراؤها من الصيدليات على شكل كريم أو جل أو رقعة، وتعمل من خلال قتل البكتيريا التي تسد المسام وتسبب الالتهاب، لكنه قد يسبب تهيج الجلد. لذا، يفضّل استخدام تراكيز مخففة منه بالنسبة إلى البشرة الحساسة.
  • استخدم منتجات الوجه التي تحتوي على حمض الساليسيليك؛ مثل منظفات البشرة والتونر والأمصال، لأنه يساعد على فتح المسام وتقشير البشرة بلطف.
  • اغسل يديك مباشرة، وخاصة المنطقة تحت الأظافر، حيث تفضّل البكتيريا الاختباء.
  • اغسل وجهك ونظف البشرة جيداً.
  • استخدم كمادة ماء دافئة على الوجه قبل محاولة فقء البثرة مدة 10 إلى 15 دقيقة. يساعد ذلك على سحب القيح إلى السطح ويمكن أن يسرّع عملية الشفاء.
  • اضغط حول البثور على نحو متساوٍ، باستخدام قطعة قطن أو الجزء الناعم من إصبعك، وليس بأظافرك.
  • إذا تمكنت من فقء البثور وإخراج محتواها، ضع مرهم مضاد حيوي موضعي مثل الباسيتراسين على أي جلد مفتوح، أمّا إذا لم تتمكن من فقء البثور ألغِ المهمة حالاً.
  • بالنسبة للنتوءات الكيسية العميقة التي لا يمكن إخراجها، يمكن لطبيب الأمراض الجلدية استخدام حقنة الكورتيزون للمساعدة على تسطيح العقيدات المؤلمة في غضون ثلاثة أيام.

الوقاية من خطر مثلث الموت

يمكن لبعض الإجراءات الوقائية أن تحمي من مخاطر الإصابة بعدوى في منطقة مثلث الموت:

  • عدم نتف شعر الأنف، واستبدل القص بها.
  • تجنب فقء البثور.
  • استخدام تقنية معقمة لثقب الأنف.
  • غسل فرشاة المكياج بانتظام.
  • عدم النوم بوجود مكياج على الوجه.
  • تجنب ملامسة اليدين للوجه.
  • تنظيف الأنف بمناديل منظفة ومعقمة.
  • تنظيف أي جروح أو تقرحات باستخدام بيروكسيد الهيدروجين.

اقرأ أيضاً: هل يسهم خل التفاح في علاج البثور وأمراض القلب وتبييض الأسنان حقاً؟

علاج البثور في منطقة مثلث الموت

إذا لاحظت وجود بثرة على وجهك في منطقة مثلث الموت، راقب صحتك العامة وأي تغييرات قد تشعر بها خلال المدة ما بين 5-10 أيام، مثل:

  • الحمى.
  • الرعشة.
  • القشعريرة.
  • الارتباك.
  • تصلب الرقبة.
  • وخز غير عادي.
  • آلام حادة في الجسم.

 إذا لاحظت أعراضاً مشابهة راجع الطبيب في أسرع وقت للحصول على التشخيص المناسب وتلقي العلاج؛ إذ كلما كان التشخيص والعلاج مبكراً، كانت فرص نجاح العلاج أعلى.

عامة، قد يختلف العلاج باختلاف نوع الإصابة؛ على سبيل المثال، يُعالج التهاب النسيج الخلوي أو عدوى المكورات العنقودية بالمضادات الحيوية.