ملخّص: تنقل الفراشات حبوب اللقاح بين أزهار النباتات وتساعد على تكاثرها، ويمكنك إنشاء حديقة منزل غنية بالنباتات المزهرة التي تجذب الفراشات وتعزز التنوع البيولوجي وتزيد محيط منزلك جمالاً. خطوات إنشاء حديقة كهذه سهلة؛ إذ عليك انتقاء النباتات ذات الأزهار الغنية بالرحيق حتى تتمكن الفراشات من التغذّي عليها، والأنواع الأفضل هي النباتات الوحيدة الإزهار لأن استخراج الرحيق منها سهل، كما عليك توفير النباتات المضيفة التي تفضّلها الفراشات، وانتقاء النباتات المستوطنة في منطقتك التي تعتمد عليها الفراشات في دورة حياتها. عليك أيضاً زراعة النباتات التي تزهر في أوائل الربيع لأن نشاط الملقّحات يصل إلى ذروته في فصلي الربيع والصيف، وزراعة أنواع متعددة من النباتات المعمّرة التي تضمن وجود الأزهار طيلة الموسم في حديقتك. يجب أيضاً توفير مصدر للماء في الحديقة من خلال إنشاء "محطات الترطيب"، وهي مناطق رطبة توفر للفراشات حاجتها من المعادن الأساسية والماء، كما عليك تجنّب استخدام مبيدات الآفات والاستعاضة عنها بالحشرات المفيدة أو المواد الطاردة الطبيعية.
تؤدي الحشرات مثل الفراشات والنحل دوراً بالغ الأهمية في عملية التلقيح من خلال نقل حبوب اللقاح بين الأزهار، ما يساعد على تكاثر النباتات. تعزّز الحدائق المنزلية التي تجذب الفراشات والملقّحات الأخرى التنوع البيولوجي وتجعل المساحات الخارجية للمنازل أجمل. إنشاء حديقة ملائمة للفراشات بسيط إذا علمت كيف تختار النباتات المناسبة.
اقرأ أيضاً: هل زراعة البرسيم في حديقة المنزل فكرة جيدة؟
اختيار الأزهار الغنية بالرحيق
تؤدي النباتات دوراً بالغ الأهمية في دورة حياة الفراشات، وذلك من خلال توفير الرحيق في المقام الأول، وهو مصدر الغذاء الرئيسي لهذه الحشرات. توصي خبيرة البستنة في موقع فلاور بالب (Flowerbulb.eu)، بيغي آن مونتغمري، بزراعة الأنواع الوحيدة الإزهار في حديقة المنزل. تحتوي هذه النباتات على صف واحد من البتلات حول مركزها، ما يجعل استخراج الرحيق أسهل بالنسبة للحشرات الملقّحة. أزهار الزينية والقنفذية والصقلاب هي من الأمثلة على ذلك.
تقول مونتغمري: "وصول الملقحات إلى رحيق الأصناف المزدوجة الإزهار وحبوب اللقاح فيها صعب للغاية ومستحيل أحياناً". مع ذلك، فهي تشير إلى أنه لا مانع من زراعة الأصناف المزدوجة الإزهار مع الأصناف الوحيدة الإزهار، لكنها تؤكد أهمية زراعة عدد كبير من الأزهار الغنية بالرحيق لتوفير الغذاء للفراشات والملقحات الأخرى.
توفير النباتات المضيفة
لا توفر النباتات الرحيق للفراشات فحسب، بل إنها تؤدي دوراً مهماً في تكاثر هذه الحشرات. تحتاج الفراشات إلى النباتات المضيفة طيلة دورة حياتها، من مرحلة البيوض إلى البلوغ. يفضّل كل نوع من الفرشات نوعاً محدداً من النباتات المضيفة.
تضع الفراشات الإناث بيوضها على هذه النباتات، وتستمد اليرقات غذاءها من هذه النباتات بمجرد أن تفقس. تتغذى اليرقات حصرياً على النباتات المضيفة لتتمكن من النمو والتطور. تُشكِّل اليرقات الشرانق في النبات المضيف نفسه عندما تصبح جاهزة لتتطور إلى فراشات، ما يؤدي في النهاية إلى نمو الفراشات البالغة.
اقرأ أيضاً: 6 حقائق غريبة لا تعرفها عن الفراشات
استخدام النباتات المحلية
على الرغم من أن بعض الفراشات يهاجر، مثل الفراشات الملكية، هناك أنواع مستوطنة في مناطق محددة. تعتمد هذه الفراشات على النباتات المضيفة الأصلية في دورة التكاثر، وكذلك بصفتها مصدراً للغذاء. تطورت النباتات الأصلية على نحو مشترك مع جماعات الفراشات الإقليمية؛ إذ إنها توفّر لليرقات المغذّيات المناسبة والظروف الملائمة لتنمو. بالنظر إلى أن النباتات الأصلية والفراشات المستوطنة تختلف تبعاً للمنطقة، يجب عليك البحث لتحديد الأنواع الأصلية في المنطقة التي تعيش فيها. بمجرد تحديد الأنواع التي تنجح زراعتها في منطقتك، ستتمكن من اختيار النباتات المناسبة لمساعدتها على البقاء. على الرغم من أن زراعة النباتات الأصلية هي الخيار الأفضل، لا ضير في زراعة النباتات غير الأصلية ما دامت غير غازية وتدعم الأحياء البرية.
أنواع الفراشات والنباتات المضيفة الرائجة
عدد أنواع الفراشات في العالم كبير جداً؛ إذ تحتوي الولايات المتحدة وحدها على نحو 750 نوعاً. على الرغم من أن بعض الأنواع مستوطن في مناطق محددة، هناك أنواع تعيش في العديد من المناطق. احرص أولاً على زراعة النباتات المضيفة التي تدعم الأنواع الأصلية في المنطقة التي تعيش فيها، ثم خذ في الاعتبار زراعة النباتات المضيفة التي تدعم بعض أنواع الفراشات التالية:
- الفراشات الملكية ويدعمها نبات الصقلاب
- الفراشات الخطافية الذيل وتدعهما نباتات مثل البقدونس والشبت والشمرة.
- الفراشة الملونة وتدعمها نباتات مثل الشوكة المباركة والخطمية.
- الفراشة البيضاء الصغيرة وتدعهما نباتات مثل الملفوف والقرنبيط.
- فراشة الأرجنيني ويدعهما نبات البنفسج.
زراعة النباتات التي تزهر في أوائل الربيع
يصل نشاط الملقحات إلى ذروته في فصلي الربيع والصيف؛ إذ يزهر العديد من أنواع النباتات في هذين الفصلين، ما يوفّر للملقحات مجموعة متنوعة من الموارد الطبيعية في البرية والحدائق المنزلية على حد سواء. مع ذلك، فإن الحفاظ على وجود الأزهار حتى أواخر الخريف والشتاء وأوائل الربيع يتطلب التخطيط والجهد الدقيقين. تقول مونتغمري: "تدخل أغلبية الفراشات حالة السبات في مرحلة البيوض أو اليرقات أو الشرانق، بينما يدخل عدد قليل منها حالة السبات في مرحلة البلوغ. يجب توفير مصدر غذاء للفراشات في أوائل الربيع لضمان بقائها. تشير مونتغمري إلى أن الفراشات تبدأ الطيران عادة عندما تصل درجات الحرارة إلى 18 درجة مئوية على الأقل. توفّر زراعة النباتات البصلية المبكّرة الإزهار في أواخر الخريف مصدر غذاء موثوقاً للفراشات، وتشمل هذه النباتات البلبوس الأرمني (Muscari armeniacum) والبصل الزينة (من جنس الثوم، Allium) وشقائق النعمان (Anemone coronaria) والعنصل المنحني الأزرق (Hyacinthoides non-scripta). تقول مونتغمري: "الثوم خيار ممتاز لأنه يشمل العديد من الأصناف التي تزهر في أوقات مختلفة". تشمل الأنواع الأخرى من النباتات المبكرة الإزهار التي تفضّلها الفراشات القرانيا الدموية والزمزريق الكندي وزهرة القلب النازف وتلك التي تنتمي إلى أجناس مثل الهيفل والليلك.
اقرأ أيضاً: دراسة جديدة: المهارات المكانية للفراشات قد تغيّر فهمنا لتأثر سلوك الحيوانات بالبيئة
زراعة النباتات المعمرة
تعزّز النباتات المعمّرة تنوع الحدائق المنزلية وتثريها بالألوان، وهي تعاود النمو سنوياً وتغنيك عن الحاجة إلى إعادة زراعتها في كل موسم. لا تحتاج هذه النباتات إلى الكثير من الرعاية بمجرد زرعها. تمثل النباتات البصلية طريقة مباشرة لإضافة النباتات الوحيدة الإزهار إلى حديقة المنزل، وهي تغني الحديقة بالألوان طوال العام. على الرغم من أن هذه النباتات ليست جميعها معمرة، فإن العديد منها كذلك، مثل الثوم والشقّار والزعفران والبلبوس، والفراشات تفضّل هذه الأنواع.
تقول مونتغمري: "عموماً، تزهر الأنواع البصلية مدة تتراوح بين أسبوعين و4 أسابيع، ويمكنك أن تضمن احتواء حديقة المنزل على الأزهار بصورة دائمة من خلال زراعة أنواع متعددة منها تزهر في أوقات مختلفة". توضح مونتغمري قائلة إن فهارس الأنواع البصلية ومصادر المعلومات عنها في الإنترنت تصنّف أوقات الإزهار تبعاً لمواسم السنة، مثل منتصف الربيع وأواخره وأوائل الصيف وما إلى ذلك. لذلك، فإن تحديد فترة النمو الأنسب للنباتات مهم، وكذلك انتقاء الأصناف ذات أوقات الإزهار المتعاقبة لتضمن وجود الأزهار في حديقة منزلك طوال المواسم.
توفير مصدر للماء
تحتاج الأحياء جميعها إلى الماء لتبقى. مع ذلك، لا تستطيع الفراشات أن تحط على الماء لتشرب، ما يجعل حمامات الطيور (أحواض مملوءة بالمياه وموضوعة في الحدائق لتستحم فيها الطيور) وبرك الحدائق المنزلية غير فعالة لتوفير الماء للفراشات. الحل هو إنشاء ما يسميه الخبراء "محطات الترطيب"، وهي برك ضحلة أو مناطق رطبة توفر للفراشات حاجتها من المعادن الأساسية والماء.
يمكنك إنشاء محطة ترطيب باتباع الخطوات التالية:
- املأ مقلاة أو طبقاً بالتراب
- ضع ملعقة صغيرة من الملح في الطبق
- ضع بضع ملاعق صغيرة من السماد العضوي المخصص للحدائق إن أمكن
- ضع الماء في الطبق ببطء حتى يصبح قوام التربة سميكاً وشبيهاً بقوام الوحل
- ضع عدداً من الصخور حول الطبق لتوفير مكان تستطيع الفراشات الهبوط عليه. ضع محطة الترطيب قرب النباتات المزهرة
جدد كمية المياه والملح والسماد العضوي شهرياً لتحافظ على المستوى الأمثل من الرطوبة والمغذّيات.
تجنُّب استخدام مبيدات الآفات
يمكن أن تضر مبيدات الآفات الكيميائية بالفراشات والملقّحات الأخرى، ما قد يؤدي إلى موتها أو الإضرار بمصادر غذائها الطبيعية. إذا لاحظت وجود الآفات في النباتات، اتبع نهجاً هادفاً. افحص النباتات بانتظام لكشف الآفات، واحرص على إزالتها يدوياً أو بتوجيه تيار سريع من المياه عليها. إذا واجهت حالة شديدة من تفشي الآفات، استخدم المبيدات الحشرية الأكثر اعتدالاً مثل زيت النيم المضغوط على البارد، ما سيمكّنك من السيطرة على انتشار العديد من آفات الحدائق وأمراضها مع تجنّب التأثيرات الشديدة للمواد الكيميائية الاصطناعية. مع ذلك، قد يضر الاستخدام الخاطئ لزيت النيم بالملقحات، لذا استخدمه في الصباح الباكر أو في وقت متأخر من اليوم عندما تكون الحشرات المفيدة أقل نشاطاً. اتبع دائماً التعليمات المرفقة بالمنتج بدقة لتجنّب إلحاق الضرر بالفراشات. يمكنك أيضاً الاستفادة من الحشرات المفيدة أو المواد الطاردة الطبيعية لحماية حديقة المنزل وضمان أن يكون وسطها ملائماً للفراشات.