شاع استخدام غسول الفم منذ أواخر القرن التاسع عشر، إلّا أن وجوده قديم بعمر الحضارة الإنسانية نفسها، فقد استُخدم قديماً في جنوب آسيا ومصر والصين واليونان وروما؛ حيث كانت غالبية أبناء الطبقة العليا من الإغريق والرومان القدماء يغسلون أفواههم باستخدام خلطات تحتوي على مكونات مثل الملح والخل، فيما استخدم آخرون البول أو حليب الماعز أو النبيذ الأبيض.
وكان استعمال البول شائعاً جداً عند الرومان، الذين كانوا يشترون البول البرتغالي ويستخدمونه، ففرض الإمبراطور نيرون ضرائب عليه. فقد اعتُقِد أن الأمونيا الموجودة في البول تطهر الفم وتبيض الأسنان، وظل البول أحد مكونات غسول الفم الشائعة حتى القرن الثامن عشر، الذي ظهر فيه أول غسول فم في شكله المعاصر.
اقرأ أيضاً: إليك كيفية التخلص من جفاف الفم باستخدام 9 طرق طبيعية
لماذا يُستخدم غسول الفم؟
يمكن أن يصل غسول الفم إلى مناطق الفم التي يصعُب تنظيفها بفرشاة الأسنان أو خيط التنظيف، كما يفيد أولئك الذين يستخدمون تقويم الأسنان أو أطقم الأسنان التي يمكنها احتجاز الطعام والبكتيريا.
ويمكن لبعض أنواع غسول الفم المساعدة في القضاء على البكتيريا التي تسبب رائحة الفم الكريهة وأمراض اللثة والتسوس، وفي الحفاظ على الفم منتعشاً ونظيفاً، بجانب تبييض الأسنان بمرور الوقت، كما يمكنها أن تساعد على تخفيف حدة الألم، والانزعاج الناتج من حساسية الأسنان، وكذلك ترطيب الفم للتخفيف من أعراض جفاف الفم، كما يمكن لغسول الفم العطري أن يساعد على الشعور بالاسترخاء والتعافي من الضغوطات.
أنواع غسول الفم
تنقسم أنواع غسول الفم إلى نوعين رئيسيين:
- غسول الفم العلاجي: يحتوي على مكونات نشطة تعمل على معالجة مشكلات الأسنان المختلفة.
- غسول الفم التجميلي: يكون مذاقه أفضل في العادة، ويعمل على إنعاش النفس مؤقتاً، لكنه لا يحتوي على مواد فعّالة تحارب المشكلات الأساسية المسببة لرائحة النفس الكريهة.
كيف تختار غسول الفم المناسب لك؟
لاختيار غسول الفم المناسب لك يجب مراعاة النقاط التالية:
1. حدد الغرض من استخدامه
يجب معرفة أنه لا يوجد غسول فم واحد مناسب للجميع، إذ يعتمد اختيار الغسول الأفضل لك على وضع احتياجات أسنانك في الاعتبار، سواء كنت تبحث عن غسول يمنحك نفساً منتعشاً وأسناناً ناصعة البياض أو كان غرضك منه تخفيف الآلام والحساسية والجفاف أو لمعالجة الالتهابات والقروح أو السيطرة على نزيف اللثة والحماية من التسوس. فالغسول المخصص للعناية اليومية قد لا يكون مفيداً للاستخدام في حالة التعافي من جراحة في الفم.
كما يجب مراعاة أن بعض غسول الفم المتاحة دون وصفة طبية تعتمد على المنكهات لإخفاء رائحة الفم الكريهة مؤقتاً. فإذا كنت تسعى لعلاج رائحة الفم الكريهة، فعليك استخدام غسول يستهدف البكتيريا المسببة له.
2. ابحث عن الغسول الذي يحتوي على المكونات النشطة الفعّالة المناسبة لاحتياجاتك
فمثلًا، تعمل مادة البيروكسيد على تبييض أسطح الأسنان، ويساعد الفلورايد في المحافظة على مينا الأسنان وتقليل خطر التسوس، بينما تسهم الزيوت العطرية في السيطرة على أمراض اللثة في مراحلها المبكرة لأنها تحد من تراكم البلاك على أسطح الأسنان، ويضاف كلوريد سيتيل بيريدينيوم للمساعدة على مكافحة البكتيريا المسببة لرائحة الفم الكريهة، ويُستخدم الكلورهيكسيدين في السيطرة على التهاب اللثة، ومنع تراكم البلاك، وقد يُستخدم لمنع حدوث مضاعفات بعد خلع الأسنان.
لكن يجب ملاحظة أن تركيز الكلورهيكسيدين في غسول الفم يجب أن يزيد على 0.1% حتى يمكنه مكافحة الترسبات بشكلٍ فعّال.
3. اختر غسول فم تابعاً لعلامة تجارية تتمتع بسجل جيد في إنتاج منتجات العناية بالأسنان ثبتت فاعليتها
فالعديد من الأنواع التجارية يحتوي على الصباغ والكحول والمواد الحافظة والمنكهات، التي قد تتسبب في أضرار مثل الحساسية والالتهاب والجفاف، كما قد تشكّل خطورة على صحة الفم.
ما أسباب ألم الأسنان؟ وكيف يمكن التخلص منه بمواد موجودة في كل منزل؟
4. ضع في اعتبارك النكهة والانتعاش
فقد ينفر بعضهم من استخدام غسول الفم بسبب ما يخلفه من طعم مزعج أحياناً. لذا يجب أن يترك الغسول في فمك رائحة منعشة. هناك نكهات شائعة مثل النعناع والقرنفل، لكن ثمة نكهات فاكهية أو خفيفة يمكن أن تجعل روتين يومك في العناية بالفم أكثر متعة.
5. ابحث عن تركيبة خالية من الكحول
مع أن الكحول خصوصاً الإيثانول يُعدُّ أحد مكونات غسول الفم الأكثر شيوعاً، لكن تشير دراسة أجراها باحثون من جامعة سوماتيرا أوتارا، ونُشِرت في مجلة المحاكاة الحيوية (Journal of Biomimetics) إلى وجود علاقة بين استخدام غسول الفم المحتوي على الإيثانول واحتمالية زيادة خطر الإصابة بسرطان الفم، وهو أمر نفته دراسات أخرى. لكن الغسول الذي يحتوي على الكحول يمكن أن يتسبب في خلل بتوازن بكتيريا الفم؛ أي كما يقضي على البكتيريا الضارة التي يمكن أن تؤدي إلى تسوس الأسنان وأمراض اللثة ورائحة الفم الكريهة، يمكنه أيضاً القضاء على البكتيريا النافعة كذلك.
فإذا كنت قلقاً بشأن القضاء على البكتيريا النافعة في فمك، ابحث عن تركيبة خالية من الكحول. أو ابحث عن العلامات التجارية التي تتبع لوائح الاتحاد الأوروبي باستخدام كحول البنزيل بنسبة أقل من 1%، الذي يعتبر مكوناً أكثر أماناً من الكحول الإيثيلي.
كيف تحقق أقصى استفادة من غسول الفم؟
لتحقيق الاستفادة القصوى من غسول الفم يجب مراعاة
- اقرأ تعليمات الاستخدام الموضحة على الملصق واتبعها بدقة، بما في ذلك مقدار الكمية الصحيحة الموصى بها، والمدة المطلوبة للمضمضة والغرغرة التي تتراوح عادة ما بين 30 ثانية ودقيقة واحدة.
- تجنب ابتلاع الغسول بعد المضمضة لأنه قد يزعج معدتك.
- انتظر نحو 30 دقيقة على الأقل قبل تناول أي طعام أو شراب لمنح الغسول فرصة للعمل وتحقيق أقصى فائدة.
- لا تتجاوز عدد مرات الاستخدام المحددة، ويجب ملاحظة أن بعض الأنواع غير مخصصة للاستخدام الطويل المدى، لذا التزم بالفترة المحددة في النشرة المرفقة مع الغسول، أو التي يوصي بها طبيبك؛ تفادياً لأي آثار جانبية مثل تغير لون الأسنان أو تهيج اللثة.
- استخدمه بالتزامن مع الفرشاة والخيط. فعلى الرغم من الدور المهم الذي يؤديه الغسول في المحافظة على صحة الفم لتأثيره المحتمل في مكافحة البكتيريا الضارة ومنع تكون البلاك، فإنه لا يعالج أصل المشكلة عملياً.
- لا يوجد أي غسول فم فعّال يمكن استخدامه لعلاج أمراض اللثة بمفرده؛ فهو ليس بديلاً عن تنظيف الأسنان بالفرشاة وخيط التنظيف يومياً، إلى جانب الزيارات الدورية لطبيب الأسنان، وإنما يُستخدم كخطوة أخيرة في روتين العناية بالفم بعد تنظيف الأسنان.
قد يتسبب الاستخدام الطويل المدى لبعض غسول الفم في رفع خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم، ويمكن أن يغيّر من بيئة الفم، ما يزيد من سهولة إصابة الأسنان بالتسوس، ويرفع خطر التعرض لأمراض القلب والأوعية الدموية. كما يمكن للاستخدام المتكرر لغسول الفم المضاد للميكروبات أن يحدث خللاً في الميكروبيوم الفموي لدى الأشخاص الأصحاء.
وبشكلٍ عام، يجب استخدام غسول الفم مدة تصل إلى أسبوعين حتى أربعة أسابيع للسيطرة على أمراض اللثة الخفيفة إلى المتوسطة، بالتزامن مع الحفاظ على روتين العناية بالفم.
اقرأ أيضاً: ما طرق إخفاء روائح الأطعمة القوية مثل البصل والثوم؟
متى يجب تجنب إضافة غسول الفم إلى روتين العناية الخاص بك؟
قبل استخدام غسول الفم، لا بُدّ من استشارة طبيب الأسنان لتحديد الحاجة إلى غسول لعلاج حالة معينة، أو إمكانية استخدام أحد أنواع الغسول الذي يمكن استخدامه دون وصفة طبية؛ لمساعدتك على تقييم احتياجاتك، ومعرفة توصياته بشأن المواد الفعّالة المناسبة، وترشيحات العلامات التجارية الأفضل، كذلك يجب مراعاة التالي:
- يُنصح بعدم استخدام غسول الفم من قِبل الأشخاص الذين يتمتّعون بلثة جيدة، أو غير معرضين للإصابة بتسوس الأسنان بنسبة كبيرة؛ بسبب المخاطر المحتملة لرد الفعل التحسسي، وخلل الميكروبيوم الفموي، الذي قد يرتبط أيضاً بضعف صحة الجسم، وظهور مقاومة مضادات الميكروبات، بجانب تأثيراته الضارة في البيئة.
- يُنصح بزيادة الوعي بالمخاطر المحتملة عند الإفراط في استخدام منتجات العناية بالفم المحتوية على الفلورايد، مثل غسول الفم؛ حيث إن زيادة معدلات الفلورايد بالجسم يمكن أن تؤدي إلى أمراض بالأسنان والهيكل العظمي.
- قد يظن البعض أن بعض غسول الفم الطبيعية أو البديلة المحتوية على الأعشاب العلاجية النباتية والزيوت الأساسية والمتوفرة في متاجر المنتجات الصحية أكثر أمناً، لكن لا توجد أدلة حاسمة على وجود ضرر من استخدام معظمها، ولم يثبت حتى الآن وجود منافع من استخدامها، أي أن هناك حاجة لمزيد من الأدلة على فاعليتها وآليات عملها وآثارها الجانبية المحتملة قبل دعم استخدامها من عدمه.
- لا يُوصى باستخدام غسول الفم للأطفال دون السادسة خصوصاً، فحتى إن كان استخدام غسول الفم ممكن بالنسبة للأطفال في هذا العمر، لكن قد يؤدي عدم تطور رد الفعل العكسي عند البلع بشكل كافٍ لديهم إلى التسمم أو القيء أو الغثيان.