الجرب ليس بعدوى جديدة، إذ تُقدَّر حالات الإصابة السنوية بنحو 450 مليون حالة على مستوى العالم. ولكن منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أي مع بداية الشتاء، أبلغ الأطباء في المملكة المتحدة عن تفشي المرض وزيادة عدد الإصابات به مع نقص حاد في العلاجات، ووسط مخاوف من أن الفشل في علاج المصابين بسرعة قد يتسبب في المزيد من انتشار العدوى، وهو ما وصفه الأطباء بالوضع الكارثي لما يتسبب به من تهديد للصحة العامة. فما سبب هذا التفشي؟ وكيف يمكن علاج الجرب؟
تقرير الأطباء عن تفشي الجرب في المملكة المتحدة
وفقاً لدراسة استقصائية أجرتها الجمعية البريطانية لأطباء الجلد (British Association of Dermatologists)، بتكليف من صحيفة الغارديان، شهدت 8 من أصل 9 مناطق في أنحاء المملكة المتحدة كافة زيادة في حالات الجرب في 2023.
وقالت رئيسة الكلية الملكية للأطباء العامين (Royal College of General Practitioners) كاميلا هوثورن (Kamila Hawthorne): "منذ شهر يوليو، شهد الأطباء العاملون معدلاً متزايداً للجرب بمستوى أعلى من متوسط الخمس سنوات والمعيار الموسمي"، حيث أظهرت أحدث بيانات المراقبة الصادرة عن الكلية الملكية للأطباء العامين (RCGP) أنه في الأسبوع الأخير من شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2023، سجّل الأطباء 27,484 حالة جرب في 500 عيادة طبية عامة، أي ثلاث حالات لكل 100 ألف شخص، وهو ضعف المتوسط الموسمي.
وللمقارنة، سُجِلت 56 حالة فقط خلال الأسبوع نفسه من عام 2021، و94 حالة في الأسبوع ذاته من عام 2022.
اقرأ أيضاً: كيف أدّى البطيخ الأصفر إلى نشر السالمونيلا في الولايات المتحدة؟ وهل يجب علينا الحذر؟
أسباب تفشي الجرب في المملكة المتحدة
الخياران العلاجيان الرئيسيان للجرب في المملكة المتحدة هما كريم البيرميثرين وغسول الملاثيون، ومنذ سبتمبر/أيلول 2023، كان هناك نقصٌ في هذين الدوائين في المملكة المتحدة. يقول أحد الأطباء المشاركين في الدراسة، إن النقص أدّى إلى حلقة مفرغة: "من المرجح أن يؤدي نقص التوافر إلى زيادة انتشار العدوى، الأمر الذي يتطلب مرة أخرى المزيد من علاج الجرب ويزيد الضغط على الطلب". إذ على الرغم من أن الجرب قابلٌ للشفاء، فإن العث يمكن أن يستمر في وضع البيض والتكاثر إذا لم يُقدَّم العلاج. ومن أهم أسباب نقص المواد العلاجية:
- مشكلات سلسلة التوريد.
- الحرب في أوكرانيا.
- ارتفاع تكلفة المواد الخام.
- زيادة التقارب والاتصال بين الناس في فصل الشتاء، حيث يقضي الناس وقتاً أطول في الداخل معاً.
اقرأ أيضاً: ماذا نعرف عن متحور كورونا الجديد؟ وهل سنعود إلى سيناريو 2020 المرعب؟
ما هو الجرب؟
الجرب هو حالة جلدية تنتج عن طفيلي العث (Sarcoptes Scabiei)، ذي الثماني أرجل، وهو كائن أصغر من رأس الدبوس. تحفِر إناثه تحت الجلد وتستوطن في جحور لوضع البيض، ما يسبب حكة شديدة وطفحاً جلدياً. بعد فقس البيض تنتقل اليرقات إلى سطح الجلد، حيث تنضج لتشكّل عثاً بالغاً ويمكن أن تنتشر إلى مناطق أخرى من الجسم أو إلى أشخاصٍ آخرين من خلال الاتصال الجسدي الوثيق. عادة ما ينتشر الجرب عن طريق الاتصال المباشر بالجلد مع شخصٍ مصابٍ بعدوى الجرب، وأحياناً نادرة من خلال الملابس أو المناشف أو الفراش المشترك. ولا علاقة للنظافة الشخصية أو الاتساخ بانتشاره، إذ يمكن لأي شخصٍ أن يُصاب بالجرب لأنه ينتشر بسهولة بين الناس.
على وجه العموم، يحتوي المصاب بالجرب على نحو 12 عثاً بالغاً على الجلد، بينما هناك نوع أشد خطورة وأكثر عدوى يُعرف بالجرب المتقشر، ويؤثّر في الأشخاص الذين يعانون ضعفاً في جهاز المناعة، ويمكن أن يحتوي الجلد على المئات من الطفيليات.
اقرأ أيضاً: ما حقيقة تفشي حمى التيفوئيد في السعودية؟ وما طرق علاجها والوقاية منها؟
أعراض الجرب
تظهر أعراض الإصابة بالجرب بعد العدوى خلال عدة أيام إذا كان الشخص قد أُصيب بالجرب من قبل، أمّا إذا كانت المرة الأولى التي يُصاب بها بالعدوى، فقد يستغرق ظهور الأعراض نحو ستة أسابيع لتبدأ بالظهور، ومع ذلك يمكن نقل العدوى خلال مدة الحضانة. تشمل أعراض الجرب:
- الطفح الجلدي أو القروح الصغيرة بين الأصابع.
- حكة شديدة تزداد سوءاً في الليل.
- ظهور أنفاق من بثور أو نتوءات على الجلد، وقد تنتشر على معظم أجزاء الجسم، ويمكن رؤيتها بوضوح:
- بين أصابع اليدين والقدمين، وعلى راحة اليد وباطن القدم، والمعصمين والإبطين، وخاصة لدى الرضع والأطفال الصغار.
- في منطقة الفخذ والأرداف.
- حول الخصر والسرة.
- على الصدر وحول الحلمات.
- حول الأعضاء التناسلية.
يتضمن الجرب المتقشّر طفحاً جلدياً قشرياً متكرراً على المرفقين والركبتين واليدين والقدمين، وهو العرض الأساسي فيه.
قد يؤدي كلٌّ من الجرب المتقشر والنموذجي إلى حالات جلدية أخرى من الإكزيما والقوباء، وإلى مضاعفات كلوية، بما في ذلك مرض الكلى المزمن.
اقرأ أيضاً: مرض مجهول يسبب الشلل لـ 95 طالبة مدرسة في كينيا
علاج الجرب
مع العلاج المناسب، يمكن الشفاء التام من الجرب وبسرعة، ولكن إذا لم يُعاَلج، يمكن أن تستمر الإصابة عدة أشهر أو حتى سنوات. على وجه العموم، ثمة عدة إجراءات قد تقلل من خطر الإصابة بالجرب وانتشاره، فإذا ظهرت عليك أو على أحد المقربين منك أعراض الجرب أو أي عدوى جلدية أخرى مثل الطفح الجلدي والبثور والحكة الشديدة، فعليك اتباع ما يلي:
- أبلِغ مقدم الرعاية الصحية، فغالباً سيقترح لك غسولاً أو كريماً للجسم يجب فركه في أنحاء الجسم كافة، بما في ذلك تحت الأظافر. لكن الوضع قد يختلف بالنسبة للأطفال والمرأة الحامل والمرضع.
- اترك الدواء بعد تطبيقه 10-15 دقيقة حتى يجف قبل ارتداء الملابس.
- اترك العلاج على الجسم لنحو 24 ساعة، وإذا غسلت أي منطقة خلال هذه المدة ينبغي إعادة تطبيق العلاج.
- كرر العلاج بعد أسبوع واحد.
- اغسل الملابس والفراش عند درجة حرارة 60 درجة مئوية أو أعلى، وأي مواد لا يمكن غسلها ينبغي وضعها في أكياس بلاستيكية لمدة أربعة أيام على الأقل لاحتواء الطفيليات حتى تموت.
- ينبغي على كل فرد يعيش معك في منزل واحد أن يتلقى العلاج نفسه باستثناء الأطفال. بعد 24 ساعة من تطبيق العلاج الأولي سيُقضى على عث الجرب بسرعة، ويمكن العودة للعمل أو المدرسة وممارسة الحياة الطبيعية، إلّا أن الحكة قد تستمر عدة أسابيع.
- تجنّب مشاركة الملابس والمناشف والشراشف مع الآخرين.
- تجنّب لمس أي شخص تظهر عليه الأعراض.