هل تختلف الفاكهة المجففة عن الطازجة؟ وكيف يمكن الحفاظ على قيمتها الغذائية؟

4 دقيقة
هل تختلف الفاكهة المجففة عن الطازجة؟ وكيف يمكن الحفاظ على قيمتها الغذائية؟
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: مهدي أفشكو.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تحظى الفواكه المجففة بشعبية كبيرة في أنحاء العالم كافة، فهي مصدر جيد للمغذيات، وخاصة الفيتامينات. يتناولها البشر منذ آلاف السنين وعلى مدار العام، على عكس الفواكه الطازجة التي يمكن تناولها في وقتٍ محدد من العام. على الرغم من ذلك، يؤدي تجفيف الفاكهة إلى القليل من الاختلافات في العناصر الغذائية، لكن التطور في طرق التجفيف حافظ على النسبة الأكبر من محتواها الغذائي. 

ما هي الفاكهة المجففة؟

الفاكهة المجففة هي فاكهة يُزال محتواها من الماء عبر التجفيف بطرق مختلفة، فيصغر حجمها وتصبح ثماراً عالية الطاقة، تُحفَظ لفترات طويلة على عكس الفاكهة الطازجة التي تفسد بسرعة. ويمكن تناولها كوجبة خفيفة مفيدة. 

من أبرز هذه الفاكهة الزبيب والتمر والتين والمشمش، ويصنع بعضها في شكل حلوى مغلفة بالسكر مثل المانجو والأناناس والتوت البري والموز والتفاح.

اقرأ أيضاً: فاكهة الصيف الشهية: إليك أبرز فوائد العنب

الفرق في المحتوى الغذائي بين الفواكه المجففة والطازجة 

الفواكه المجففة ذات قيمة غذائية عالية، وتحتوي على القيمة الغذائية التي تحتويها الفواكه الطازجة، لكنها أكثر كثافة، إذ تحتوي الفاكهة المجففة نحو 3.5 أضعاف الألياف والفيتامينات والمعادن الموجودة في الفاكهة الطازجة، وتوفّر حصة واحدة نسبة كبيرة من المدخول اليومي الموصى به من العديد من الفيتامينات والمعادن، مثل حمض الفوليك. كما تُعدّ الفواكه المجففة مصدراً لمضادات الأكسدة، وخاصة البوليفينول الذي يحسّن تدفق الدم وصحة الجهاز الهضمي، بالإضافة إلى تقليل خطر الإصابة بالعديد من الأمراض.

في المقابل، يكون المحتوى العالي من الألياف مصحوباً بمحتوى عالٍ من الماء في الفواكه الطازجة، ما يساعد على الشعور بالشبع بشكلٍ أسرع، وبالتالي استهلاك سعرات حرارية أقل بشكلٍ عام، كما تحتوي الفاكهة الطازجة على كميات كبيرة من السكريات الطبيعية (الغلوكوز والفركتوز)، ويؤدي تجفيفها وسحب الماء منها إلى تركيز كامل كمية السكر والسعرات الحرارية في حجم أصغر بكثير. على سبيل المثال يحتوي الزبيب على 59% سكر، ويحتوي التمر على السكر بنسبة أعلى تبلغ 64-66%، بينما يحتوي المشمش على 53% من السكر. لكن يقل محتوى فيتامين سي بشكلٍ كبير لأنه يتحلل عند تجفيف الفاكهة.

بناءً على ذلك، تُعدّ الفاكهة المجففة غذاءً يجب تناوله باعتدال، فتناول كميات كبيرة منها يؤدي إلى آثار صحية سلبية، مثل زيادة الوزن، والإصابة بمرض السكري من النمط الثاني وأمراض القلب. تُغلّف بعض الأنواع أيضاً بالسكر المضاف أو الشراب قبل تجفيفها. والسكر المضاف له تأثير ضار في الصحة، فهو يزيد خطر الإصابة بالسمنة وأمراض القلب والسرطان، لذا يُنصح بتجنب تناول هذه الأنواع من الفواكه المجففة. 

يُضيف بعض المنتجين أيضاً موادَّ حافظة تُسمَّى الكبريتيت إلى الفواكه المجففة لتبدو أكثر جاذبية، فهي تحافظ على الفاكهة وتمنع تغير لونها خاصة المشمش والزبيب. يعاني البعض الحساسية تجاه هذه المُركّبات، وقد يعانون تقلصات في المعدة وطفحاً جلدياً ونوبات ربو بعد تناولها. لتجنب الكبريتات، اختر الفواكه المجففة ذات اللون البني أو الرمادي بدلاً من الألوان الزاهية. بالإضافة إلى ذلك، قد تحتوي الفواكه المجففة التي تُخزَّن وتُعالَج بشكلٍ غير صحيح على الفطريات والأفلاتوكسينات والمُركّبات السامة الأخرى.

فوائد تناول الفاكهة المجففة 

عند تناولها باعتدال، تساعد الفواكه المجففة على إنقاص الوزن وتناول المزيد من العناصر الغذائية منها القليل من البروتينات والسعرات الحرارية والكربوهيدرات والألياف وفيتامين أ وفيتامين سي والكالسيوم والحديد والبوتاسيوم، وهي معدومة الدهون، بالإضافة إلى الحصول على مضادات الأكسدة القوية. 

لاحتوائها على هذه العناصر الغذائية، تعزز الفواكه المجففة صحة العين لوجود فيتامين أ وسي، وتقي من هشاشة العظام لغناها بالكالسيوم، وتعزز صحة الحامل لاحتوائها على الحديد.

عموماً تختلف فوائد الفواكه المجففة ومحتواها من العناصر الغذائية باختلاف نوعها. فالزبيب قد يقلل من خطر الإصابة بأمراض معينة، وهو غني بالألياف والبوتاسيوم والعديد من المُركّبات النباتية المعززة للصحة، ولا يسبب ارتفاعات كبيرة في نسبة السكر في الدم أو مستويات الإنسولين، ويسهم في خفض ضغط الدم، وتقليل علامات الالتهابات والكوليسترول في الدم ما يعزز صحة القلب، ويؤدي إلى زيادة الشعور بالشبع.

أمّا الخوخ (البرقوق) المجفف فهو غني بالألياف والبوتاسيوم وفيتامين أ وفيتامين ك، ويُعدّ مليّناً طبيعياً، ويكافح هشاشة العظام. ويبقى التمر الأكثر غنى بمضادات الأكسدة، ومصدراً جيداً للألياف والبوتاسيوم والحديد والعديد من المُركّبات النباتية، ويساعد على اعتدال نسبة السكر في الدم، كما يساعد على المخاض عند النساء الحوامل.

اقرأ أيضاً: أيهما أفضل: تناول الفواكه الكاملة أمْ شرب عصيرها؟

أفضل طرق تجفيف الفاكهة التي تحافظ على المواد الغذائية 

بدأ البشر بتجفيف الفاكهة تحت أشعة الشمس، مع التقليب بشكلٍ دوري لضمان تبخر الرطوبة بالتساوي، لكن يُعتمد اليوم على طرق أسرع وأكثر فاعلية للمحافظة على محتواها من المواد الغذائية. 

التجفيف بالتجميد

يُعرف التجفيف بالتجميد، باسم التجفيد، وفيه يُجمَّد الطعام أولاً، ثم يُجفف تحت الضغط لإزالة محتواه المائي، يتحول من خلاله الماء من الحالة الصلبة إلى الحالة الغازية، دون المرور بالحالة السائلة. يُعدّ من أفضل طرق التجفيف لأنه يعتمد على درجات حرارة منخفضة، ما يسهم في الحفاظ على القيمة الغذائية للمنتج وطعمه ومظهره ومركباته الحساسة للحرارة، وإيقاف العمليات الكيميائية، وعرقلة نشاط الكائنات الدقيقة (مثل البكتيريا والخمائر والعفن)، وبالتالي إطالة مدة صلاحية الفاكهة المجففة.

يُعدّ التجفيف بالتجميد من أفضل الطرق للحفاظ على نشاط المُركّبات النباتية المفيدة، مثل المواد الكيميائية النباتية والمواد المغذية مع الحفاظ على اللون والنكهة والبنية. على سبيل المثال، يحافظ التجفيف بالتجميد على مضادات الأكسدة، مثل الأنثوسيانين والفلافونويد وفيتامين سي. يمكن اعتماد هذه الطريقة في تجفيف بعض الفواكه مثل الفراولة والتفاح والتوت الأسود والموز والكمثرى والبرتقال.

التجفيف بفراغ الطاقة المشعة (REV)

التجفيف بفراغ الطاقة المشعة (Radiant Energy Vacuum (REV عبارة عن تقنية معالجة بالميكروويف الفراغي تسمح بإنتاج الفواكه المجففة والخضروات والتوابل والأعشاب والعديد من المنتجات الغذائية الأخرى بسرعة كبيرة مقارنة بطرق التجفيف الأخرى. تحافظ هذه التقنية على العناصر الغذائية خاصة فيتامين سي والكاروتينات، بالإضافة إلى المحافظة على لون المنتج الأصلي ونكهته، وتقلل الميكروبات حتى الحد الأدنى، وتُتيح أيضاً إمكانية التجفيف المتجانس.

الفاكهة المجففة ليست كالطازجة، لكنها بالتأكيد وجبة خفيفة صحية ومغذية أكثر من الأطعمة السريعة المصنّعة، ومن المهم تناولها باعتدال للحصول على فوائدها الغذائية، والابتعاد عن آثارها السلبية.