كيف تتسبب الفيديوهات القصيرة «الريلز» بأذى الأطفال؟ وكيف نساعدهم؟

5 دقيقة
كيف تتسبب الفيديوهات القصيرة "الريلز" بأذى الأطفال؟ وكيف نساعدهم؟
حقوق الصورة: بيكسلز

مشهد الأطفال وهم يخفضون رؤوسهم ويمسكون الهاتف المحمول بكلتا أيديهم ويقلبون بأصابعهم على الشاشة عدة ساعات أصبح مألوفاً في كل مكان، وهذه الحالة غالباً ما تكون بسبب مشاهدتهم مقاطع الفيديو القصيرة "الريلز" التي لها عدة أضرار صحية ونفسية عليهم، إليك أبرز هذه الأضرار ومدى تأثيرها في حياة الأطفال.

اقرأ أيضاً: كيف نستطيع مجابهة المعلومات الصحية المضللة في وسائل التواصل الاجتماعي؟

16 تأثيراً سلبياً لمشاهدة الأطفال مقاطع الفيديو القصيرة (ريلز)

تضم أبرز الآثار السلبية المختلفة لمشاهدة الأطفال مقاطع الفيديو القصيرة على منصات التواصل الاجتماعي ما يلي:

1. تطور حالة دماغ تيك توك

وهو مصطلح أطلقه عدة خبراء على الحالة التي تنشأ لدى مشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة وتسبُّبِها بنقص الانتباه والتركيز لدى الأطفال، إذ ينفصلون عن الواقع ويذهبون لعالم مقاطع الفيديو الافتراضي الخاص بهم. 

2. التأثير في وضعية الجسم وانحناء الرقبة

يؤدي قضاء وقت طويل والطفل في وضعية الانحناء لمشاهدة الفيديوهات القصيرة وهو يمسك الهاتف الذكي عدة ساعات إلى تطور خلل في وضعية الجسم وانحناء الظهر والرقبة نحو الأمام، بالإضافة إلى تأثيرها في جودة التنفس، إذ تسبب هذه الوضعية ضغطاً على الرئتين.  

3. إدمان الطفل للهاتف الذكي 

في كل مرة يمرر الطفل بها لمشاهدة الفيديو التالي أو النقر مرتين للإعجاب بمنشور، يتلقى دماغه جرعة صغيرة من الدوبامين، والدوبامين هو ناقل عصبي يعطي شعوراً بالمكافأة في الدماغ وهو المسؤول عن خلق مشاعر المتعة وتعزيز السلوكيات، ما يعزز لدى الطفل السلوك الإدماني الذي يرفع من مستويات الدوبامين.

4. احتمال التعرض لمحتوى عنيف أو صادم 

يمكن أن تحتوي عدة فيديوهات قصيرة على محتوى خاص بالكبار فقط، أي محتوى عنيف أو صادم وحتى غير أخلاقي، وهذا قد يسبب خللاً في نمو الطفل وإدراكه للعالم والمجتمع من حوله، ويسبب آثاراً نفسية ضارة عليه.

5. إجهاد العين الرقمي 

العيون البشرية لا تمتلك القدرة على ملاحقة الفيديوهات السريعة بشكل كبير والانتباه لتفاصيلها لساعات، وتؤدي مشاهدة الأطفال لمقاطع الفيديوهات القصيرة المتكررة إلى الإصابة بإجهاد العين الرقمي، وهي حالة يصاب بها الشخص نتيجة النظر إلى شاشة رقمية بإمعان لفترة طويلة وتظهر لها أعراض مثل احمرار العيون وألمها، وفقدان القدرة على التركيز البصري.

6. التشتت وتقليل التواصل مع الآخرين

تجذب مقاطع الفيديو هذه انتباه الأطفال مدة طويلة، دون أن يدركوا ما يجري حولهم، ومع الوقت يمكن لهذه الظاهرة أن تؤثّر سلباً في قدرات التواصل اللفظي وغير اللفظي لديهم، إذ يركّز الأطفال بمقاطع الفيديو دون أن يمنحوا من حولهم أو ما يجري في محيطهم انتباهاً.

7. التأثير في الإبداع

على الرغم من أن الكثير من مقاطع الفيديوهات القصيرة قد تكون إبداعية وممتعة، فإنها غالباً ما تعتمد على الحيل السريعة التي تجذب الانتباه، وهذا من شأنه أن يحفّز الأطفال على البحث عن أشكال فورية وسطحية من الإبداع بدلاً من تنمية قدراتهم على التفكير العميق والتعبير عن أنفسهم بطريقة أكثر عمقاً.

اقرأ أيضاً: كيف نستطيع مجابهة المعلومات الصحية المضللة في وسائل التواصل الاجتماعي؟

8. اضطراب النوم

يؤثّر الضوء المنبعث من الشاشات، وبشكلٍ خاص الضوء الأزرق، في إفراز هرمون الميلاتونين الذي يساعد على التحكم بالنوم، وعندما يشاهد الأطفال مقاطع الفيديو القصيرة حتى وقتٍ متأخر من الليل، فذلك قد يؤدي إلى ضعف جودة نومهم واضطراب أنماطه، مثل النوم المتقطع والخلل بعمل الساعة البيولوجية، ما يؤثّر في صحتهم العامة وأدائهم الأكاديمي.

9. تشويه الحس الموسيقى للطفل

تتميز مقاطع الفيديو القصيرة بأنها تستخدم الموسيقى السريعة بذات الألحان الجذابة التي قد تكون ممتعة، لكن التعرض المستمر للموسيقى السريعة قد يؤدي إلى انخفاض الاهتمام بالتفاصيل في النوت الموسيقية، ويمكن أن يؤثّر أيضاً في تركيز الطفل عند سماع كلمات الأغاني أو حتى المحادثات معه.

10. قلة الصبر والالتزام

تحتاج الدراسة إلى الالتزام والجلوس فترات طويلة، وتؤدي ثقافة الإشباع الفوري التي توفّرها مقاطع الفيديو القصيرة إلى جعل الأطفال أقل صبراً، فهم معتادون على الحلول السريعة والنتائج الفورية إذ يمكنهم تغيير الفيديو بمسحة من إصبعهم، لكنهم لا يستطيعون حذف درس أو فقرة علمية من منهاجهم العلمي بهذه الطريقة، وهذا قد يعوق قدرتهم على المثابرة في الدراسة.

11. تغيير النظرة للواقع والمقارنة بحالات مثالية 

تؤثّر محتويات مقاطع الفيديو القصيرة على الأطفال، إذ تعرض حالات مثالية وإنجازات فورية وقدرات كبيرة للرياضيين أو شخص يقود سيارة فارهة أو أشخاص يمتلكون أجساماً مثالية وغيرها من المقاطع التي تجعلهم ينظرون لواقعهم وحالتهم الاجتماعية وحالة أهلهم ومظهرهم بشكل سلبي، ويمكن أن تسبب هذه الظاهرة الاكتئاب لديهم وخاصة في سن المراهقة.

12. قلة التعاطف والاهتمام بالآخرين

قد تقلِّل متابعة مقاطع الفيديو القصيرة حساسية المستخدمين بشكلٍ عام والأطفال بشكلٍ خاص تجاه المحتوى الصادم أو المؤلم، إذ توضع مقاطع مآسي الحروب والكوارث البيئية بشكل سريع بين المقاطع المتنوعة الرياضية والفكاهية ومقاطع القطط اللطيفة، ما يخلق انطباعاً لدى الطفل بأن هذه الأحداث كلها افتراضية ولا تستدعي الاهتمام، ولا يتم إعطاؤها وقتاً كافياً لاستيعابها نفسياً.

 13. الإصابة باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط

 يؤدي الاستهلاك المستمر لمثل هذه الفيديوهات القصيرة إلى إصابة الناس والأطفال باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، ما يجعل من الصعب على الأطفال القيام بما يلي:

  • إدارة سلوكهم.
  • الانتباه.
  • التركيز.
  • اتباع الاتجاهات.
  • الجلوس بهدوء دون حركة.
  • ضبط المزاج.

14. اتخاذ قرارات سريعة

قد تمهّد الطبيعة السريعة لمقاطع فيديو تيك توك إلى تنمية سلوك متهور لدى الأطفال، ويظهر باتخاذهم قرارات سريعة دون النظر بشكل كامل في العواقب، إذ يعتاد الطفل على أن الفيديوهات التي لا تعجبه يمكنه أن يتخطاها بقرار مدته ثانية دون عواقب ليذهب للمقطع الذي بعده.

15. تباطؤ الدماغ

تؤدي زيادة الوقت الذي يقضيه الأطفال وهم يشاهدون شاشات الهواتف الذكية والفيديوهات القصيرة إلى انخفاض تشكل غمد النخاعين لديهم (الميالين)، وهي المادة التي توفّر الأساس للتشابك الدماغي وتدعم الأداء الإدراكي والسلوكي، ويعد تكوين غمد النخاعين مهماً في مرحلة النمو العصبي المبكر، وعند عدم تكوينه بشكل كافٍ ستكون سرعة الإشارات المنقولة بين الخلايا العصبية في الدماغ أبطأ.

16. إهدار الوقت 

التمرير المستمر للفيديوهات القصيرة على تيك توك والمنصات الأخرى، يمكن أن يهدر ساعات من وقت الطفل، حيث يقوم الأطفال بتمرير أصابعهم إلى الأعلى بشكل مستمر بحثاً عن فيديو يضحكهم أو يثير اهتمامهم بشكل أكبر من الفيديوهات السابقة التي شاهدوها، أو يضيعون وقتاً كبيراً للعثور على الفيديوهات التي فقدوها بمجرد تحديث صفحة الفيديوهات المعروضة.

اقرأ أيضاً: لماذا يُعد تأثير وسائل التواصل الاجتماعي سيئاً على صحتك؟

ماذا يحدث لدماغ الطفل عندما يشاهد الفيديوهات القصيرة "الريلز"؟

عندما يقوم الأطفال بأنشطة تتطلب تركيزاً طويلاً مثل القراءة، فإنهم يستخدمون ميزة تدعى الانتباه الموجَّه، وهي وظيفة تبدأ في القشرة الجبهية للدماغ، أي الجزء المسؤول عن اتخاذ القرار والتحكم في الدوافع في الدماغ، وتتسم هذه الميزة بالقدرة على حجب عوامل التشتيت والحفاظ على الانتباه وتحويل الانتباه بشكل مناسب تجاه أمر واحد، ويسهم التركيز الموجَّه في تطوير مهارات مهمة مثل التخطيط وتحديد الأولويات.

يواجه الأطفال عموماً صعوبة في استخدام الانتباه الموجَّه لأن القشرة الجبهية الدماغية لديهم، لا تتطور بشكلٍ كامل حتى سن 25 عاماً، ولا تتطلب مقاطع الفيديو القصيرة في تيك توك وإنستغرام وفيسبوك وسواها هذا المستوى من الاهتمام المستمر، إذ تتغير باستمرار، وما يحدث هو أن اعتياد أدمغة الأطفال على التغييرات المستمرة، سيجعل من الصعب على الدماغ أن يتكيّف مع نشاط غير رقمي لا تتحرك فيه الأشياء بالسرعة نفسها، وبالتالي سيفقد الأطفال قدرتهم على التركيز والتخطيط والالتزام بنشاط يتطلب وقتاً طوياً بالإضافة لصعوبة اتخاذ القرارات الواعية مع مرور الزمن.

كيف يمكن معالجة مشكلة مشاهدة الأطفال المفرطة مقاطع الفيديو القصيرة؟

أفضل طريقة يمكن للآباء من خلالها المساعدة على تقليل مشاهدة الأطفال لمقاطع الفيديو القصيرة على منصات التواصل الاجتماعي هي الحد من وقت الشاشة، وذلك من خلال استخدام مزايا قفل التطبيقات وإطفائها بعد مرور وقت معين من استخدام هذا التطبيق على الهاتف الذكي أو الجهاز اللوحي. 

وفقاً للأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، لا ينبغي للأطفال دون عمر 4 سنوات أن يقضوا أكثر من ساعة واحدة أمام الشاشات يومياً، بينما لا ينبغي للأطفال الأكبر سناً أن يقضوا أكثر من ساعتين أمام الشاشات، وإذا كان الأطفال سيستخدمون الهاتف الذكي ويشاهدون هذه المقاطع، فيجب على الآباء أن يفعلوا ذلك معهم.

اقرأ أيضاً: هكذا تستغل وسائل التواصل الاجتماعي الوحدة التي نشعر بها

وينصح الدكتور محمد قرِملي، الطبيب الاستشاري بمجال الدماغ والأعصاب بالمدينة المنورة، في تغريدة له عبر منصة إكس بتشجيع الأطفال على قراءة الكتب لأنها تتكلم عن مواضيع محددة و بإسهاب ما يساعد العقل على الاندماج بالفكرة وتخيلها وتأملها والتركيز فيها، ويضيف أنه ينبغي التقليل من استخدام الجوالات خصوصاً قبل النوم