تعرّف إلى أشهر أدوية فقدان الوزن وآثارها الجانبية

7 دقيقة
تعرّف إلى أشهر أدوية فقدان الوزن وآثارها الجانبية
حقوق الصورة: shutterstock.com/Caroline Ruda

لا يوجد جسد أفضل من جسدك. إنها السيارة التي تأخذك عبر الحياة. بغض النظر عن حجم الجسد أو شكله أو طوله، فهناك أسباب كثيرة لا حصر لها تجعلك تفخر بجسدك.

ومع ذلك، قد تدفعك بعض العوامل الداخلية أو الخارجية إلى محاولة إنقاص وزنك، ربما ترغب في تحسين شكل جسدك، أو ربما يتعلق الأمر بمشكلة صحية حذّرك منها الطبيب لتعيش حياة أطول وأكثر صحة.

لكن عندما ترغب في ذلك، وتسأل أي شخص في دائرتك المقربة عن أفضل طريقة، سيخبرك بالتأكيد في البداية أن فقدان الوزن أمر صعب ويتطلب جهداً متواصلاً، ومن ثَمَّ عليك اتباع نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية، وهو ما قد يبدو أحياناً شاقاً لك، بل مستحيلاً. ولكنه الطريقة المُثلى دون آثار جانبية صحية عليك.

تشير أحدث التقديرات العالمية إلى أن هناك أكثر من 2.5 مليار شخص بالغ يعانون زيادة الوزن، و37 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون السمنة. لقد أصبحت السمنة مشكلة عالمية، وتأثرت بها دول الخليج، خاصة الدول ذات الدخل المرتفع والمنتجة للنفط.

يتراوح معدل انتشار السمنة في الخليج بين الأطفال والمراهقين بين 5% و14% لدى الذكور، ومن 3% و18% لدى الإناث. هناك زيادة كبيرة في السمنة لدى الإناث البالغات حيث تتراوح نسبة انتشارها بين 2% و55%، وبين الذكور البالغين بين 1% و30%.

تُعرِّف منظمة الصحة العالمية (WHO) السمنة لدى البالغين بأنها مؤشر كتلة الجسم (BMI) الذي يبلغ 30 أو أكثر. ولحساب مؤشر كتلة الجسم يُقَسَّم الوزن على مربع الطول بالمتر (كلغ/ المتر المربع).

هناك فئة جديدة من أدوية التنحيف تُسمَّى ناهضات هرمون الببتيد الشبيه بالغلوكاغون (GLP-1 agonists)، وهي أدوية بالأساس تساعد على خفض مستويات السكر في الدم، ومؤخراً اكتشف الباحثون أن هذه الأدوية تعزز فقدان الوزن.

ومن أبرز هذه الأدوية التي حققت نجاحاً كبيراً بالآونة الأخيرة، عقارا أوزمبيك (Ozempic) وويغوفي (Wegovy) من إنتاج شركة نوفو نورديسك (Novo Nordisk)، ومونجارو (Mounjaro) وزيباوند (Zepbound) من إنتاج شركة إيلي ليلي (Eli Lilly).

اقرأ أيضاً: ما هو وجه الأوزمبيك الذي يُصيب مَن يتلقون إبر التنحيف الجديدة؟ وكيف تتجنبه؟

عقار أوزمبيك: قد تفقد 20% من وزنك في 48 أسبوعاً

الاسم العلمي لهذا العقار هو سيماغلوتايد (semaglutide)، ويُطلق عليه الاسم التجاري "أوزمبيك". معتمد من إدارة الغذاء والدواء الأميركية على أنه علاج لمرضى السكري من النوع الثاني فقط، وليس دواءً لإنقاص الوزن.

يحسّن عقار "أوزمبيك" مستويات السكر التراكمي في الدم (A1C) لدى البالغين، وله فوائد أخرى حيث يقلل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية الرئيسية مثل السكتة الدماغية.

يحفّز "أوزمبيك" إفراز الإنسولين من البنكرياس عندما يحتاج الجسم إلى ذلك، ويقلل كمية السكر التي يفرزها الكبد، ويبطئ خروج الطعام من المعدة، ما يجعلك تشعر بالشبع فترة أطول.

يُستهلك هذا الدواء عن طريق حقنة تحت الجلد مرة واحدة في الأسبوع. ولم تعترف إدارة الغذاء والدواء الأميركية بـ "أوزمبيك" كعقار مصرّح به لفقدان الوزن، ولكنها صرّحت باستخدام المُركّب النشط في أوزمبيك، المعروف باسم سيماغلوتايد، لعلاج الأفراد الذين يعانون السمنة تحت اسم ويغوفي.

فقد أعطت شركة "نوفو نورديسك"، المُصنّعة عقار أوزمبيك عبر تجربة سريرية جرت على 1961 شخصاً بالغاً يعانون السمنة، جرعة مقدارها 2.4 مليغرام من سيماغلوتايد مدة 48 أسبوعاً.

وكانت النتيجة أن الأشخاص فقدوا 14.9% من وزن أجسامهم جميعاً. من المهم ملاحظة أن الدراسة استخدمت جرعة 2.4 مليغرام على المرضى بالتجربة السريرية، وهذا يعتبر أعلى بكثير من الجرعة المصرّح بها من الشركة المنتجة كعلاج لمرضى السكري، وهي 0.25 أو 1 أو 2 مليغرام كحد أقصى.

يوضّح الدكتور كريستوفر ماكجوان، المتخصص في طب السمنة، والمؤسس لشركة True You Weight Loss في ولاية كارولاينا الشمالية، أن عقار أوزمبيك يعزز فقدان الوزن عن طريق التأثير في مراكز الجوع في الدماغ، وتحديداً في منطقة ما تحت المهاد، وإطالة فترة الشبع وإبطاء معدل إفراغ المعدة.

تشير الدراسات إلى أن إيقاف أوزمبيك تماماً بعد الحصول على الوزن المثالي سيؤدي على الأرجح إلى استعادة معظم الوزن المفقود في غضون عدة أشهر.

تُباع جرعة أوزمبيك حالياً على موقع نوفو نورديسك مقابل 935.77 دولاراً أميركياً، ولأوزمبيك فوائد عدة لنحافة الجسم، منها فقدان من 5% إلى 20% من وزن الجسم، وتصغير محيط الخصر، وتحسين مستويات الكوليسترول.

بالتأكيد له آثار جانبية حسبما أكد الدكتور ماكجوان مثل الغثيان والقيء والإسهال والإمساك. أمّا عن التأثيرات الأشد خطراً والتي اعترفت بها الشركة على موقعها، فهي التهاب البنكرياس الحاد وسرعة ضربات القلب والإصابة بسرطان الغدة الدرقية بعد سنوات من العلاج.

تجربة حية: إذا أكلت وجبة كاملة من كنتاكي ستتقيأ

يحكي الصحفي البريطاني يوهان هاري، الذي يعيش في لندن ولاس فيغاس، في كتابه "الحبة السحرية" (Magic Pill)، عن شعوره الغريب بعد يومين من أخذ عقار أوزمبيك، قائلاً: "استيقظت من النوم وشعرتُ بشيء غريب لم أفهمه، ولم أكن جائعاً، فهذا لم يحدث لي أبداً في الصباح، لقد انخفضت شهيتي.. كنت أشعر بالشبع بسرعة كبيرة".

وزن هاري 93 كيلوغراماً، وكانت نسبة الدهون في جسمه 32%. في النهاية خسر هاري 19 كيلوغراماً واختفى ألم ظهره خلال الأشهر الستة الأولى من تناوله الدواء.

يتذكر عندما دخل إلى كنتاكي في لاس فيغاس وطلب دلواً من الدجاج أنه لم يستطع إكمال الوجبة وتناول فقط واحدة من أفخاذ الفراخ.

يُضيف هاري في كتابه عن تأثير الدواء: "شعرتُ بأن جسدي ينكمش، وأصبحت أكثر لياقة وأكثر ثقة، لكن كان مزاجي خافتاً بشكلٍ غريب، ولم أشعر بالحماس كالعادة، وكنت في كثيرٍ من الأحيان باهتاً عاطفياً".

اقرأ أيضاً: «مونجارو» آخرها: ما حقيقة استخدام أدوية الداء السكري لإنقاص الوزن؟

عقار مونجارو: الأفضل ولكن!

يُستخدم عقار "مونجارو" (Mounjaro) في علاج مرض السكري. وقد خلُصت بعض الدراسات إلى أن مادة  "تيرزيباتيد"، المكون النشط في "مونجارو"، أدّت إلى انخفاضٍ حادٍ في مستويات السكر، وفقدان وزن أكثر من عقاري "أوزمبيك" (Ozempic) و"ويغوفي" (Wegovy).

مونجارو، عقار يُعطى في صورة حقنة أسبوعياً، ويعمل عبر زيادة إنتاج الإنسولين وتقليل كمية السكر التي يفرزها الكبد.

عقار مونجارو معترف به على أنه علاج للنوع الثاني للسكري وليس النوع الأول، وليس معتمداً حالياً لدى إدارة الأغذية والعقاقير، وهي إحدى الهيئات التابعة لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية، وفق موقع "دراغز" (Drugs)، علاجاً للتنحيف. لكنه جرى الاعتراف به من الوكالة التنظيمية للأدوية ومنتجات الرعاية الصحية (MHRA) البريطانية دواءً للتنحيف في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

على وجه التحديد فيما يخص فقدان الوزن، يعمل مونجارو عن طريق تثبيط إشارات الجوع للدماغ، وبالتالي تثبيط الشهية، إضافة إلى تدعيم فقدان الأنسجة الدهنية. وينصح الأطباء بالتمارين الرياضية والنظام الغذائي الصحي بجانب تناول العقار.

العقار عبارة عن محلول سائل في قلم جاهز للحقن تحت الجلد يؤخذ في البطن أو الفخذ أو العضد، يُعطى مريض السمنة الجرعة كل 4 أسابيع، والجرعة عبارة عن 2.5 مليغرام.

يحاكي "تيرزيباتيد" نوعين من الهرمونات بالجسم؛ الببتيد 1 الشبيه بالغلوكاغون والببتيد الموجَّه للإنسولين المعتمد على الغلوكوز.

يقول الدكتور روبرت غاباي، كبير الأطباء بجمعية السكري الأميركية، إن العقار يمكن أن يساعد على فقدان 22.5 من وزن الجسم خلال 72 أسبوعاً.

أمّا عن الآثار الجانبية، يقول الدكتور أكشايا سريكانث بهاغافاثولا في جامعة أركنساس، إنه يسبب الغثيان والقيء والإسهال وآلام المعدة، وقد يسبب الفشل الكلوي والتهاب البنكرياس ونزيفاً بالجهاز الهضمي.

ما الأفضل: مونجارو أمْ أوزمبيك؟

أجرت شركة "تروفيتا" للأبحاث بالولايات المتحدة الأميركية، دراسة لمعرفة أيهما أفضل لمريض السمنة. وفي غضون عام من بدء تطبيق العلاج على 41223 مريضاً، تبين أن 42.3% من الأشخاص الذين تناولوا مونجارو فقدوا ما لا يقل عن 15% من أوزانهم مقارنة بـ 19.3% بين المرضى الذين تناولوا عقار أوزمبيك (كانت هذه نسبة خسارة الوزن الأعلى التي قُورنت للعقارين).

اقرأ أيضاً: 11 سبباً تفسّر عدم فقدان الوزن على الرغم من تقليل الطعام وممارسة الرياضة

عقار ويغوفي: خيار النحافة للمشاهير

ويغوفي هو أول عقار للتنحيف معتمد توافق عليه إدارة الغذاء والدواء الأميركية منذ عام 2014.

الاسم العلمي له هو "سيماغلوتايد" (semaglutide)، ويحتوي على المادة الفعّالة نفسها في عقار أوزمبيك.

يلقَّب بأنه عقار المشاهير للتخسيس، ويستخدمه إيلون ماسك، مالك موقع x (تويتر سابقاً)، وهو عقار كابح للشهية ولكنه ليس بديلاً عن الأكل الصحي وممارسة الرياضة، ويجب تناوله تحت إشراف طبي فقط. ويُباع في صيدليات بريطانيا مثل باقي الأدوية.

يُعطى العقار أسبوعياً عن طريق الحقن تحت الجلد في الذراعين أو الفخذين أو المعدة أو الأرداف، وتكون الجرعة 2.4 مليغرام.

يعمل العقار عن طريق محاكاة هرمون (GLP-1) الذي يستهدف مناطق الدماغ لتنظيم الشهية وزيادة الشعور بالشبع ويقلل من تفضيل الأطعمة الغنية بالدهون.

تقول شركة نوفو نورديسك، التي تصنع الدواء، إنه يمكن أخذ عقار ويغوفي مرة واحدة أسبوعياً على مدار 15 شهراً، وستكون نسبة فقدان بالوزن 15%، شرط أن يكون نمط الحياة مدعوماً بالنظام الغذائي المنخفض السعرات الحرارية وزيادة النشاط البدني، وهذا يؤدي إلى محيط خصر أصغر وانخفاض ضغط الدم.

هناك أدلة أيضاً تشير إلى أن العقار يسهم في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

بطبيعة الحال، مثل بقية أدوية التخسيس، لعقار ويغوفي آثار جانبية مرتبطة بالأمعاء مثل الغثيان وعسر الهضم وانتفاخ البطن والقيء، ولا تزال مخاطره على المدى الطويل قيد الدراسة.

عقار زيباوند: الحل السحري

اعتُمد عقار زيباوند (Zepbound) من إدارة الغذاء والدواء الأميركية للتنحيف فى 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ويحتوي على العنصر النشط نفسه الموجود في عقار مونجارو وهو "تيرزيباتيد"، وكلاهما من إنتاج شركة (إيلي ليلي) الأميركية. يحاكي نوعين من الهرمونات بالجسم؛ وهما الببتيد 1 الشبيه بالغلوكاغون والببتيد الموجَّه للإنسولين المعتمد على الغلوكوز.

ولذلك يكون تأثيره أقوى في المريض لأنه يحاكي عمل هرمونين في الجسم وليس هرموناً واحداً كباقي ناهضات GLP-1.

يُستخدم هذا العقار للتخسيس إلى جانب دمجه مع النظام الغذائي الصحي وممارسة الرياضة لإعطاء نتائج قوية. يعمل زيباوند على إنقاص الوزن عن طريق تقليل الشهية وإبطاء حركة الطعام من المعدة إلى الأمعاء الدقيقة، ما قد يجعلك تشعر بالشبع بسرعة أكبر وفترة أطول من الوقت.

يُستخدم هذا العقار أيضاً لعلاج ارتفاع ضغط الدم أو انقطاع التنفس الانسدادي في أثناء النوم أو أمراض القلب والأوعية الدموية.

مثله مثل باقي أدوية التخسيس، لزيباوند آثار جانبية على البطن، مثل الإسهال والإمساك وعسر الهضم، إضافة إلى تساقط الشعر وفرط الحساسية والتهاب البنكرياس.

إذا واظبت على تناول هذا العقار مدة 72 أسبوعاً عن طريقة أخذ جرعة 5 مليغرامات أسبوعياً، ستفقد 16 كلغ، وإذا كنت تريد خسارة وزن أكبر، يمكنك الحصول على جرعة أكبر تصل إلى 15 مليغراماً، وستفقد بنهاية الأسبوع الـ 72 ما يقرب من 23 كلغ. وقد تختلف النتائج الفردية تبعاً لطبيعة النشاط البدني والنظام الغذائي.

اقرأ أيضاً: أيهما أفضل لفقدان الوزن: تقييد السعرات الحرارية أم تحديد وقت الأكل؟ دراسة حديثة تجيب

ما قبل موجة أدوية عائلة أوزمبيك

تاريخ أدوية التخسيس مليء بقصص الآثار الجانبية التي قد تفوق تأثيراتها الإيجابية. وبالعودة إلى القرن العشرين، كان هناك علاج بالأعضاء يُسمَّى "أورغانوثيرابي" (Organotherapy)، كان الأطباء ينصحون مرضى السمنة به. يحتوي العقار على مستخلصات من الغدد الحيوانية تؤكل نية لعلاج الغدد البطيئة بالجسم. ادعت الشركة آنذاك أنه ينشّط الخلايا النائمة بالجسم المسؤولة عن تراكم الدهون.

أيضاً لا ننسى دواء "فينفلورامين/فينترمين" (Fenfluramine/phentermine) في التسعينيات، الذي كان يحتوي على مثبطات الشهية فينفلورامين وفينترمين. لكن إفراط المرضى باستخدامه أدّى إلى إصابتهم بأمراض صمام القلب والرئة، وسُحِب الدواء من السوق عام 1997.

كيف اكتُشِفت ناهضات GLP-1؟ السحلية وحش جيلا

الاكتشاف يرجع إلى العالم دانييل دراكر، عالم الغدد الصماء في جامعة تورنتو، عام 1984.

استُخلِص السُم من السحلية السامة التي تُسمَّى وحش جيلا. السم يُسمَّى "إكستندين-4" (Exendin-4)، وهو يحاكي الهرمون البشري نفسه GLP-1. وهذا الهرمون ينظّم السكر في الدم.

تستطيع السحلية أن تبقى فترة طويلة دون طعام، ويمكنها إبطاء عملية التمثيل الغذائي بشكلٍ فعّال والحفاظ على مستويات السكر دون أن تتأثر صحتها. لذلك سخّر العالم هذا السُم وابتكر الدواء لمرضى السكر.

ماذا عن المستقبل؟

حالياً هناك أكثر من 27 دواءً قيد التطوير من نوع GLP-1، وقد تتجاوز بعض الأدوية التجريبية مرض السكري وفقدان الوزن، حيث تعمل على تحسين وظائف الكبد والقلب.

إذا كنت مجبراً على ذلك، لا تتسرع في استخدام أي أدوية لإنقاص الوزن إلّا بعد استشارة الطبيب، على أن يكون الدواء معتمد رسمياً من إدارة الغذاء والدواء الأميركية، كما يُفضَّل اتباع نظام غذائي صحي وأداء تمارين رياضية عن تناول العقاقير لعدم المساس بصحتك مستقبلاً، مهما كانت درجة إيجابية الدواء فلا بُدَّ أن يكون له آثار جانبية على المدى البعيد.

المحتوى محمي