مكمل الألياف: الحل البسيط لتحسين وظائف الدماغ في 3 أشهر

4 دقيقة
مكمل الألياف: الحل البسيط لتحسين وظائف الدماغ في 3 أشهر
حقوق الصورة: shutterstock.com/ArtemisDiana

تُعدّ الألياف نوعاً من الكربوهيدرات يعجز جسمنا عن هضمه، فعلى عكس الكربوهيدرات الأخرى التي تتحول إلى سكريات بسيطة، تمر الألياف عبر الأمعاء دون أن تُهضم، ما يساعد على تنظيم مستوى السكر في الدم والتحكم بالشهية وتسهيل حركة الأمعاء.

تؤدي هذه الألياف دوراً أكبر بكثير من مجرد تنظيم عملية الهضم؛ فقد أظهرت دراسات عديدة أن الأنظمة الغذائية الغنية بالألياف تسهم في الوقاية من أمراض القلب والسكري إلى جانب تعزيزها البكتيريا المعوية الجيدة "الميكروبيوم"، ما يقلل الالتهابات المزمنة، وقد تساعد على الوقاية من بعض أنواع السرطان.

توجد الألياف في أطعمة مثل الحبوب الكاملة والموز والخضروات والبصل والثوم وفول الصويا والخرشوف، ويمكن لتناول مكمل غذائي غني بالألياف "البريبايوتك" يومياً أن يعزز وظائف الدماغ لدى من تجاوزوا الستين من العمر في غضون 12 أسبوعاً فقط، بحسب دراسة حديثة نشرتها دورية نيتشر كوميونيكيشنز (Nature Communications).

مكمل ألياف يحسّن الذاكرة والقدرات الإدراكية

تظهر الدراسة أن إضافة البريبايوتك إلى النظام الغذائي تُعدّ طريقة سهلة وبسيطة وفعّالة لتحسين الأداء في اختبارات الذاكرة، التي ترتبط عادة بظهور علامات مبكرة لمرض آلزهايمر.

أُجريت التجربة لتقييم تأثير مكملات البريبايوتك في وظائف العضلات والإدراك لدى كبار السن، وشارك خلالها 36 زوجاً من التوائم تجاوزت أعمارهم 60 عاماً. تناول المشاركون مكملات يومية لمدة 12 أسبوعاً، كانت إمّا بريبايوتك (يحتوي إنولين inulin وفروكت أوليغوساكاريد fructo-oligosaccharides "FOS") أو دواءً وهمياً (مالتوديكسترين). بالإضافة إلى ذلك، تلقى المشاركون جميعهم مسحوق بروتين الأحماض الأمينية متفرعة السلسلة (BCAA)، وطُلب من المشاركين ممارسة بعض تمارين المقاومة.

كشفت النتائج أن مكملات البريبايوتك قد نجحت في تغيير ميكروبيوم الأمعاء، لا سيما زيادة الوفرة النسبية لبكتيريا بيفيدوباكتيريوم (Bifidobacterium) التي تقاوم الميكروبات وتطرد السموم وتقوي الجهاز المناعي، ووجدت الدراسة تحسناً ملحوظاً في الوظائف الإدراكية العامة لدى المشاركين الذين تناولوا مكمل البريبايوتك، مقارنة بالدواء الوهمي.

أظهر المشاركون في مجموعة البريبايوتك أخطاءً أقل بكثير في اختبار الذاكرة الذي يُعرف بالتعلم المرتبط بالأقران (Paired Associates Learning)، والذي يرتبط بالكشف المبكر عن مرض آلزهايمر، ولم تسجل الدراسة سوى حدوث آثار جانبية خفيفة، مثل الانتفاخ عند تناول المشاركين البريبايوتك.

تشير هذه الدراسة إلى أن استخدام البريبايوتك يمكن أن يحسّن الوظائف الإدراكية لدى كبار السن، بينما لم يُلحظ أي تحسنٍ في قوة العضلات. قالت أستاذة الشيخوخة والصحة في كلية كينغز كوليدج في لندن والباحثة بالدراسة، كلير ستيفز (Clair Steves)، إن هذه الدراسة تقدّم حلاً عملياً ومتاحاً للجميع يمكن من خلاله تعزيز الوظائف الإدراكية لدى كبار السن. وأضافت: أن "هذه الألياف النباتية، التي تُباع بأسعار زهيدة دون الحاجة إلى وصفة طبية، تُتيح لشريحة واسعة من الناس فرصة لتحسين وظائفهم الإدراكية، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، كما أنها آمنة وتناولها سهل". 

اقرأ أيضاً: ما هي البكتيريا المفيدة وأنواعها الملائمة للنظام الغذائي في المنطقة العربية؟

ما علاقة البريبايوتك بوظائف الدماغ والإدراك؟

على الرغم من أن السبب الدقيق لنتائج الدراسة لا يزال غير واضح، يرجّح الباحثون أن سبب هذه العلاقة يكمن في المحور الدماغي المعوي، وهو الطريق السريع الذي يربط بين أمعائنا ودماغنا. فقد أظهرت دراسات سابقة وجود علاقة وثيقة بين البريبايوتك وتحسين المزاج وتعزيز الذاكرة والمهارات الإدراكية.

تُعدّ البريبايوتك عنصراً أساسياً في تعزيز صحة الدماغ، فهي تعمل كحلقة وصل حيوية بين الأمعاء والدماغ، تُعرف بـ "المحور الدماغي المعوي"، تسهّل البريبايوتك التواصل الثنائي الاتجاه بين هذين العضوين، ما يؤثّر إيجابياً في وظائف الدماغ والإدراك.

وتتمثل أبرز فوائد البريبايوتك في:

  • تحسين بيئة الأمعاء: إذ تحفّز البريبايوتك نمو البكتيريا النافعة وتُعزز توازن ميكروبيوم الأمعاء، ما يؤدي إلى تحسن وظائف الدماغ والإدراك.
  • دعم إنتاج النواقل العصبية: تساعد البريبايوتك على إنتاج نواقل عصبية مهمة، مثل السيروتونين وحمض غاما أمينوبوتيريك (GABA)، والتي تؤدي دوراً رئيسياً في تحسين المزاج وتعزيز الوظائف الإدراكية.
  • مقاومة الالتهاب: تنظّم البريبايوتك الاستجابة المناعية في الأمعاء، ما يُقلل من خطر حدوث التهابات مرتبطة بتدهور الوظائف الإدراكية والاضطرابات العصبية.
  • حماية الحاجز الدموي الدماغي: تسهم البريبايوتك في الحفاظ على سلامة الحاجز الدموي الدماغي، الذي ينظّم انتقال المواد بين مجرى الدم والدماغ، والذي يؤثّر إيجاباً في الوظائف الإدراكية.

هل تناول الألياف وحدها كافٍ لتحسين الوظائف الإدراكية؟

لا شك في أن زيادة تناول الألياف عبر مكملات البريبايوتك له تأثيرات إيجابية على صحة الأمعاء وقد يسهم في تحسين الوظائف الإدراكية؛ إلّا أن الألياف وحدها قد لا تكون كافية لِإحداث تحسنٍ كبيرٍ في الوظائف الإدراكية؛ حيث يعتمد التأثير الأمثل على مجموعة من العوامل المتكاملة، منها:

  • التأثيرات التآزرية (Synergistic Effects): فاستخدام البريبايوتك مع البروبيوتيك -أطعمة أو مكملات تحتوي على كائنات حية دقيقة تزيد "البكتيريا الجيدة" في الأمعاء، مثل اللبن ومخلل الملفوف أو غيرها من العناصر الغذائية- قد يكون له تأثير أقوى في الوظائف الإدراكية مقارنة بالألياف وحدها.
  • التنوع الغذائي: لا يقتصر الأمر على تناول الألياف فقط، بل يتطلب الأمر اتباع نظام غذائي متوازن وغني بمضادات الأكسدة والعناصر الغذائية الضرورية لصحة الدماغ.
  • طبيعة الجسم واستجابته: تختلف الاستجابة لتناول الألياف من شخصٍ لآخر بناءً على عدة عوامل مثل الوراثة وتكوين ميكروبيوم الأمعاء والحالة الصحية العامة.
  • الجرعة المناسبة: تعتمد فاعلية مكملات الألياف على الجرعة ومدة تناولها. لذا، من الضروري إيجاد التوازن المناسب بين الألياف وغيرها من العناصر الغذائية لتحقيق أقصى فائدة ممكنة لصحة الدماغ.

الحفاظ على صحة الدماغ وتعزيز الوظائف الإدراكية يتطلب اتباع نهج شمولي يتضمن نظاماً غذائياً متوازناً وممارسة التمارين الرياضية بانتظام والحصول على قسط كافٍ من النوم، بالإضافة إلى تناول الألياف بجرعات مناسبة.

آفاق مستقبلية للدراسة

أُجريت الدراسة عن بُعد مراعاةً لكبار السن الذين قد يواجهون صعوبات في الانتقال إلى المستشفى، خاصة خلال جائحة كوفيد-19، وكذلك لتقليل تكاليف البحث، حيث استُخدِم البريد في توزيع المكملات وجمع القياسات والعينات من المشاركين. وهذا النهج في إجراء التجارب عن بُعد يمكن أن يزيد مشاركة كبار السن في الأبحاث وتعزيز شمولية النتائج.

اقرأ أيضاً: مستقبل «البروبيوتيك» وميكربيوم الأمعاء في علاج بعض الأمراض

وتفتح الدراسة الباب أمام إجراء مزيد من البحوث لفهم العلاقة بين ميكروبيوم الأمعاء ووظائف العضلات والصحة الإدراكية على نحو أفضل وإمكانية استهداف ميكروبيوم الأمعاء لتحسين صحة الدماغ مع تقدم العمر.

المحتوى محمي